« من رعى غنمه حول الحمى نازعته نفسه أن يرعاها فيه » . . وهذا هو الواقع المشهود ، فأنّى اتجهت ببصرك رأيت له العديد من الصور . . فما ان أسفرت المرأة عن شعرها حتى ذهبت إلى الحلاق ، ومنه إلى كشف الصدر والكتف والساق ، إلى « الميني جيب والمكر يجيب » إلى الأزياء التي تتطور يوما فيوما ، وتجسم الأنوثة وتحكيها عضوا عضوا ، وتعرضها في الشوارع والأسواق كأنها لحم في متجر جزار . . والسر ان أكثر النساء لا يذهبن إلى أبعد من اظهار زينتهن وعرض جمالهن .
وأعجب ما قرأته في هذا الباب ان في مدينة هامبورغ بألمانيا الغربية شارعا رهيبا يصطف على طول جانبيه محلات ، وفي كل محل تعرض في واجهاته نساء على الزبائن والناظرين ، وهن عرايا في أوضاع شاذة لا تخطر على بال . . وان كل ما يبدو مستحيلا فهو متحقق بالفعل ، ويستمر هذا العرض طوال الليل والنهار . . هذه هي عاقبة الحرية الزائفة . . قرأت هذا ، وأنا أرتجف من هول ما قرأت ، وأول شيء أوحى به إليّ هذا الشارع العاري انه في المستقبل القريب أو البعيد سينتقل إلى بلادنا ، تماما كما انتقل الميني جيب وغيره ، ما دمنا مستمرين في محاكاة الغرب . . نستجير باللَّه مما يخبئه الغد .
وبهذه المناسبة نشير إلى ان المرأة إذا كانت مولعة بإظهار زينتها وجمالها ، وتجسيم أنوثتها بكل أسلوب فان كثيرا من الرجال مولعون بإظهار شخصيتهم وإلصاق الشهرة بهم ، ولو كذبا وخداعا ، وإذا كانت المرأة تحقد وتحسد من ينافسها في الزينة والجمال فان الرجال المولعين بالشهرة أكثر حسدا ، وأشد حقدا على من له اسم يذكر . . في سنة 1957 نشر كاتب مصري كلمة يسخر فيها من فتوى شيوخ الأزهر بتحريم لبس « المايو » للمرأة ، وقال فيما قال : ان الإسلام بريء من هذه الفتوى . . فنشرت كلمة في الرد عليه ، وأثبت ان شيوخ الأزهر نطقوا بكلمة الإسلام والقرآن ، واستشهدت بآية : « ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ » .
وبعد أيام صادف ان زرت شيخا مع أحد الزملاء ، ولما استقر بنا الجلوس أقبل عليّ الشيخ وقال : كيف تحلل لبس « المايو » وترد على شيوخ الأزهر الذين أفتوا بتحريمه ؟ .