يذهبن أي هل يذهبن كيده غيظه . والمصدر من ان اللَّه يهدي من يريد مفعول لفعل محذوف أي وأنزلنا ان اللَّه يهدي من يريد . وجملة إن اللَّه يفصل خبر إن الذين آمنوا . . فما له من مكرم ( ما ) نافية ، وله خبر مقدم ، ومن زائدة ، ومكرم مبتدأ مؤخر .
المعنى :
( مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ ) . قال كثير من المفسرين ان ضمير ينصره يعود إلى محمد ( ص ) وان المعنى من ظن من المشركين ان اللَّه لا ينصر نبيه محمدا فليختنق بحبل لأن اللَّه ناصره لا محالة . ولكن ظاهر السياق يرجح ان الضمير يعود على من كان يظن لأن محمدا ( ص ) لم يرد ذكره في الآية ، وعليه يكون المعنى ان من نزلت به نازلة ، وتسخط من قضاء اللَّه وقدره ، ويئس من روحه وعونه في الدنيا ، ومن ثوابه في الآخرة إذا صبر ، من كان كذلك فلا يملك أية وسيلة إلا أن يشنق نفسه بسقف بيته ، وينتحر خنقا ، ثم لينظر هل يذهب غيظه بذلك ، ويحقق مرامه ؟ .
والعاقل إذا نزلت به نائبة سعى جهده للخلاص منها مستعينا باللَّه عليها وعلى كل ما أهمه ، فان وجد المخرج فذاك ، وإلا فوّض الأمر إلى اللَّه ، وترقب الفرص .
( وكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وأَنَّ اللَّهً يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ ) . ضمير أنزلناه يعود إلى القرآن ، وبينات واضحات . . واللَّه سبحانه يهدي من طلب الهداية بكتابه ، ويرشد إلى سعادة الدارين من يسترشد به وبنبيه . ومن طلب الفساد والضلال فإنه يجد السبيل إليهما عند المفسدين والمضللين .
( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هادُوا والصَّابِئِينَ والنَّصارى والْمَجُوسَ والَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهً يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهً عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) . ان اللَّه يعلم عقيدة كل طائفة من هذه الطوائف الست ، وسيفصل بينهم غدا ، ويجازي كل واحدة