ونحسن تجويدها وتفسيرها فقط ، كما هو شأننا . . قال الرسول الأعظم ( ص ) ، ونحن المعنيون بما قال : « يأتي على الناس زمان لا يبقى من الايمان الا رسمه ، ولا من القرآن الا درسه » . واقسم ما قرأت هذا الوعيد والتهديد من نبي الرحمة الا اقشعر جسمي . . واي تهديد ووعيد أعظم من ان نكون المقصودين بهذا الوصف ؟ . . لا شيء فينا من الايمان الا الاسم ، ومن الإسلام الا الرسم ، ومن القرآن الا الدرس . لقد طعن في القرآن من طعن ، وكفروا به من الأساس ، وآمنا به نحن ، ولكن خالفنا أحكامه وتعاليمه جهارا نهارا . . والفرق بيننا وبين من طعن وجحد تماما كالفرق بين يقول : انا لا أرى هذا حقا ، ولو علمته حقا لعملت به ، وبين من قال : اما انا فاعتقد انه الحق الذي لا ريب فيه ، ومع ذلك لا التزم به ولا احترمه .
( ويُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ولا لآبائِهِمْ ) . وينذر الذين معطوف على لينذر بأسا شديدا ، والانذار الأول عام لكل من عصى واستحق العقاب ، والانذار الثاني خاص بمن نسب الولد إلى اللَّه تعالى علوا كبيرا ، وكثيرا ما يعطف الخاص على العام للتنبيه على ان الفرد المعطوف أفضل من بقية الافراد ، مثل الملائكة وجبريل ، أو أقبح مثل العاصين والقائلين ان للَّه ولدا . .
لان هذا القول أقبح أنواع المعصية . قال الرازي : الذين قالوا هذا ثلاث طوائف « الأولى كفار العرب الذين قالوا : الملائكة بنات اللَّه . والثانية النصارى الذين قالوا المسيح ابن اللَّه . الثالثة اليهود الذين قالوا : العزير ابن اللَّه » . والمراد بقوله : ما لهم به من علم انهم لا يعتمدون في هذا القول على دليل ، بل قام الدليل على العكس ، اما قوله : ولا لآبائهم فهو مبالغة في الذم ، تماما كما تقول :
جاهل ابن جاهل ، وملعون ابن ملعون .
( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً ) . لا شيء أعظم من الكذب ، وأعظمه الكذب على اللَّه ، ونسبة التحليل والتحريم إليه من غير دليل ، وأعظم الكذب عليه نسبة الولد إليه .
( فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً ) . على آثارهم أي على بعدهم وإعراضهم ، والمراد بالحديث هنا القرآن بالاتفاق ، وفي وصف القرآن بالحديث دليل على فساد قول من قال : ان القرآن قديم . . وما