وقال الحسن في قوله : * ( مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا ) * أنّ نبيّكم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أقرئ قرآناً ثم نسيه ، فلم يكن شيئاً ، ومن القرآن ما قد نسخ وأنتم تقرأونه .
وقال ابن عباس : * ( مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ ) * أي ما نبدّل من آية ، ومن قرأ ننسأها بالهمز فإنّ معناه نؤخّرها من قولك نسأت هذا الأمر أنسؤه نساءً إذا أخّرته وبعته بنسأ أي بتأخير ، وهو قول عطا وابن أبي نجيح ، ومجاهد ، وعطية وعبيد بن عمير .
وعلى هذا يحتمل نؤخّرها أمرين :
أحدهما : فلا ننزلها وننزل بدلاً منها ما يقوم مقامها في المصلحة ، أو ما يكون أصلح للعباد منها ، وهذا ضعيف لأنّه لا فائدة في تأخير ما لا يعرفه العباد ، ولا علموه ولا سمعوه .
والثاني : نؤخّرها إلى وقت ثان ، فنأتي بدلاً منها في الوقت المقدّم بما يقوم مقامها ، فأمّا من حمل ذلك على معنى يرجع إلى النسخ ، فليس يحسن لأنّه يصير تقديرها : ما ننسخ من آية أو ننسخها ، وهذا لا يجوز .
ومعنى قوله : * ( نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ) * قيل فيه قولان :
أحدهما : قال ابن عباس : نأت بخير منها لكم في التسهيل والتيسير ، كالأمر بالقتال الّذي سهل على المسلمين بدلالة قوله : * ( الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ ) * [1] أو مثلها كالعبادة بالتوجه إلى الكعبة بعد ما كان إلى بيت المقدس .
والوجه الثاني بخير منها في الوقت الثاني ، أي هي لكم خير من الأولى في باب المصلحة ، أو مثلها في ذلك ، وهو قول الحسن .
