يجوز أن يتغير من حسن إلى قبح أو قبح إلى حسن ، فإنّ ذلك لا يجوز دخول النسخ فيه ، وقد بينّا شرح ذلك في العدّة [1] .
والأفعال على ثلاثة أقسام :
أحدها لا يكون إلاّ حسناً ، وثانيها لا يكون إلاّ قبيحاً ، وثالثها يحتمل الحسن والقبح بحسب ما يقع عليه من الوجوه .
فالأوّل كإرادة الأفعال الواجبة ، أو المندوبة التي لا يجوز تغيّرها ، كشكر المنعم ، ورد الوديعة ، والإحسان الخالص وغير ذلك .
والثاني كإرادة القبيح ، وفعل الجهل .
والثالث كسائر الأفعال التي تقع على وجه فتكون حسنة ، وعلى آخر فتصير قبيحة .
فالأوّل والثاني لا يجوز فيه النسخ ، والثالث يجوز فيه النسخ .
ومن قرأ ننسخ - بفتح النون - فمن نسخت الكتاب فأنا ناسخ ، والكتاب منسوخ ، ومن قرأ - بضم النون ، وكسر السين - فإنّه يحتمل فيه أمرين :
أحدهما : قال أبو عبيدة : ما ننسخك يا محمّد ، يقال : نسخت الكتاب ، وأُنسخه غيري .
والآخر : نسخته جعلته ذا نسخ ، كما قال قوم للحجاج - وقد قتل رجلاً - : أقبرنا فلاناً أي جعله ذا قبر ، يقال : قبرت زيداً إذا دفنته ، وأقبره الله : جعله ذا قبر ، كما قال : * ( ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ) * [2] .
