وتقدير الآية ما يحبّ الكافرون من أهل الكتاب ، ولا المشركين بالله من عبدة الأوثان ، أن ينزل عليكم شيئاً من الخير الّذي عنده ، والخير الّذي تمنوه ألاّ ينزله الله عليهم ما أوحى إلى نبيه ، وأنزله عليه من الشرائع ، والقرآن بغياً منهم وحسداً .
* ( وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم ) * خير منه تعالى ان كلّ خيرنا له عبادة في دينهم ودنياهم ، فإنّه من عنده ابتداء ، وتفضّلاً منه عليهم من غير استحقاق منهم ذلك عليه .
قوله تعالى : * ( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها ألَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ ) * آية بلا خلاف ( 106 ) .
واختلفوا في كيفية النسخ على أربعة أوجه :
قال قوم : يجوز نسخ الحكم والتلاوة من غير افراد واحد منهما عن الآخر .
وقال آخرون : يجوز نسخ الحكم دون التلاوة .
وقال آخرون : يجوز نسخ القرآن من اللوح المحفوظ ، كما ينسخ الكتاب من كتاب قبله .
وقالت فرقة رابعة : يجوز نسخ التلاوة وحدها ، والحكم وحده ، ونسخهما معاً - وهو الصحيح - .
وقد دللنا على ذلك ، وأفسدنا سائر الأقسام في العدة في أصول الفقه ، ذلك أنّ سبيل النسخ سبيل سائر ما تعبّد الله تعالى به ، وشرّعه على حسب ما يعلم من المصلحة فيه ، فإذا زال الوقت الّذي تكون المصلحة مقرونة به ، زال بزواله ، وذلك مشروط بما في المعلوم من المصلحة به ، وهذا القدر كاف في إبطال قول من أبى النسخ - جملة - واستيفاؤه في الموضع الّذي ذكرناه .
