وشر المنايا ميتة وسط أهله [1] أي ميتة ميت ، وقد يقول العرب : إذا سرّك أن تنظر إلى السخاء ، فانظر إلى هرم [2] أو إلى حاتم ، فيجتزئون بذكر الاسم عن ذكر فعله ، للعلم به .
وقوله : * ( بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ) * معناه قل يا محمّد ليهود بني إسرائيل : بئس الشيء يأمركم به إيمانكم إن كان يأمركم بقتل أنبياء الله ورسله والتكذيب بكتبه ، وجحد ما جاء من عنده ، وقال الأزهري : معنى إن كنتم أي ما كنتم مؤمنين - نفياً - والأوّل أجود ، ومعنى إيمانهم : تصديقهم الّذي زعموا أنّهم مصدّقون ، من كتاب الله إذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا : نؤمن بما أنزل علينا .
وقوله : * ( إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ) * أي إن كنتم مصدّقين كما زعمتم ، فأخبر أنّ تصديقهم بالتوراة ، أنّه كان يأمرهم بذلك ، فبئس الأمر يأمرهم به ، وإنّما ذلك نفي عن التوراة أن يكون يأمر بشيء بما يكرهه الله من أفعالهم ، واعلاماً منه أنّ الّذي تأمرهم به أهواؤهم ، وتحمل عليه عداوتهم ، وهذا كما يقول الرجل : بئس الرجل أنا إن رضيت بفعلك ، أو ساعدتك عليه .
والمعنى وأشربوا في قلوبهم حب العجل بكفرهم ، أي لالفهم الكفر وثبوتهم فيه ، والكفر يدعو بعضه إلى بعض ، ويحسّن بعضه بعضاً ، وليس المعنى في قوله : * ( وَأُشْرِبُوا ) * أنّ غيرهم فعل ذلك بهم ، بل هم الفاعلون له ، كما يقول القائل : أنسيت ذلك من النسيان ليس يريد إلاّ أنّك فعلت ، وقولهم : لقد أوتي فلان علماً جماً وإن كان هو المكتسب له ، وإنّ الجنس الذين قالوا : سمعنا وعصينا غير
