يومئذٍ إلاّ وقع فيه شيء منه ، ثم قال اشربوا فشربوا ، فمن كان يحبه خرج على شاربه الذّهب ، والأوّل عليه أكثر محصّلي المفسّرين وهو الصحيح ، لأنّ الماء لا يقال فيه : أشرب منه فلان في قلبه ، وإنّما يقال ذلك في حب الشيء على ما بيّناه ، ولكن يترك ذكر الحب اكتفاء بفهم السامع لمعنى الكلام ، إذ كان معلوماً أنّ العجل لا يشربه القلب وأنّ الّذي أشرب منه حبّه ، كما قال : * ( وَاسْأَل الْقَرْيَةَ ) * وإنّما أراد أهلها . كما قال الشاعر :
حسبت بغام راحلتي عناقاً * وما هي ويب غيرك بالعناق [1] يريد بذلك حسبت بغام راحلتي بغام عناق . وقال طرفة بن العبد :
ألا إنّني سقيت أسود حالكا * ألا بجلي من الشراب ألا بجل [2] يريد بذلك سقيت سماً أسود ، فاكتفى بذكر ( أسود ) عن ذكر السم لمعرفة السامع بمعنى ما أراد بقوله سقيت أسود . وقال آخر :
وكيف تواصل من أصبحت * خلالته كأبي مرحب ؟ [3] أي كخلالة أبي مرحب ، وقال آخر :
