فما أضحى ولا أمسيت إلاّ * أراني منكم في كوفان [1] فقال : أضحى ، ثم قال : ولا أمسيت ، ومثله * ( يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ) * [2] أي يستخلده ، وقال بعض الكوفيين إنّما قال : * ( فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ ) * وأراد به الماضي كما يقول القائل - موبخاً لغيره - ومكذباً له : لم تكذب ، ولم تبغض نفسك إلى الناس . قال الشاعر :
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة * ولم تجدي من ان تقري به بدا [3] فالجزاء المستقبل ، والولادة كلّها قد مضت ، وجاز ذلك لأنّه معروف ، وقال قوم : معناه فلم ترضون بقتل أنبياء الله إن كنتم مؤمنين ، وقالت فرقة ثانية : فلم تقاتلون أنبياء الله فعبّر عن القتال بالقتل ، لأنّه يؤول إليه .
قوله تعالى : * ( ولَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وأَنْتُمْ ظالِمُونَ ) * آية بلا خلاف ( 92 ) .
* ( وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى ) * يعني جاء اليهود موسى * ( بِالْبَيِّنَاتِ ) * الدالّة على صدقه وصحة نبوته ، كقلب العصا حية ، وانبجاس الماء من الحجر ، واليد البيضاء ، وفلق البحر ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، وغيرها من الآيات ، وسمّاها بينات ، لظهورها وتبينها للناظرين إليها أنّها معجزة لا يقدر على أن يأتي بمثلها بشر ، وإنّما هي جمع بينة مثل طيبة وطيبات وقوله : * ( ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ ) * يعني بعد * ( مُوسَى ) * لما فارقهم ومضى إلى ميقات ربّه .
