ويجوز أن تكون الهاء كناية عن مجيئ ، فيكون التقدير : ثم اتخذتم العجل من بعد مجيئ موسى بالبينات * ( وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ) * كما يقول القائل : جئتني فكرهتك أي كرهت مجيئك ، وليس المراد بثم ها هنا النسق ، وإنّما المراد بها التوبيخ ، والتعجب والاستعظام لكفرهم مع ما رأوا من الآيات ، وقوله : * ( وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ) * يعني أنّكم فعلتم ما فعلتم من عبادة العجل ، وليس ذلك لكم ، وعبدتم غير الله ، وكان ينبغي لكم أن تعبدوا الله ، لأنّ العبادة لا تكون لغير الله ، فأنتم بفعل ذلك ظالمون أنفسكم .
قوله تعالى : * ( وإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ ورَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ واسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وعَصَيْنا وأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) * آية بلا خلاف ( 93 ) .
تقديره واذكروا إذ أخذنا ميثاقكم وعهودكم بأن تأخذوا ما آتيناكم من التوراة التي أنزلها الله على موسى بجد واجتهاد ، ومعناه اقبلوا ما سمعتم ، كما قيل سمع الله لمن حمده : أي قبل الله حمده ، قال الراجز :
بالحمد والطاعة والتسليم * خير واعفى لفتى تميم [1] فصار تقدير الآية : * ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ ) * بأن * ( خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ ) * واعملوا بما سمعتم وأطيعوا الله * ( وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمْ الطُّورَ ) * من أجل ذلك .
