وقال قوم : معناه يستعلمون من علمائهم صفة نبيّ يبعث من العرب ، وكانوا يصفونه ، فلمّا بعث أنكروه .
وأمّا جواب قوله : * ( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ ) * فقال قوم : ترك جوابه استغناء بمعرفة المخاطبين ، معناه كما قال : * ( وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى ) * [1] فترك الجواب ، وكان تقديره ولو أنّ قرآناً سوى هذا القرآن سيّرت به الجبال ، أو قطّعت به الأرض ، أو كلّم به الموتى لسيرت بهذا ، ترك ذلك لدلالة الكلام عليه ، وكذلك الآية الجواب فيها محذوف لدلالة قوله : * ( فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ) * .
وقال آخرون : قوله : * ( كَفَرُوا ) * جواب لقوله : * ( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ ) * ، ولقوله : * ( فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا ) * ونظيره قوله : * ( فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) * [2] فصار قوله : * ( فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) * جواباً لقوله : * ( فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ ) * ، ولقوله : * ( فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ ) * .
ومثله في الكلام قولك : ما هو إلاّ أن جاءني فلان ، فلمّا أن قعد وسعت له ، فصار قولك : وسعت له جواباً لقولك : ما هو إلاّ أن جاءني ، ولقولك : فلمّا أن قعد ، وجاء الأوّل للكتاب وجاء الثاني - قيل : إنّه - للرسول ، فلذلك كرّر .
وقوله : * ( فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) * فقد بيّنا فيما مضى معنى اللعنة ، ومعنى الكفر فلا وجه لإعادته ، وقد مضى الجواب عمّن يستدلّ بمثل ذلك على
