قوله تعالى : * ( وقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ ) * آية واحدة ( 88 ) .
والمعنى عندنا أنّ الله أخبر أنّ هؤلاء الكفّار ادعوا أنّ قلوبهم ممنوعة من القبول ، وذهبوا إلى أنّ الله منعهم من ذلك ، فقال الله رداً عليهم : * ( بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ ) * أي أنّهم لما كفروا فألفوا كفرهم واشتد إعجابهم به ومحبتهم إياه ، منعهم الله من الالطاف والفوائد ما يؤتيه المؤمنين ثواباً على ايمانهم وترغيباً لهم في طاعتهم ، وزجر الكافرين عن كفرهم ، لأنّ من سوّى بين المطيع والعاصي له ، فقد أساء إليهما .
وفي الآية ردّ على المجبرة أيضاً ، لأنّهم قالوا مثل ما يقول اليهود من أنّ على قلوبهم ما يمنع من الإيمان ويحول بينهم وبينه ، وكذّبهم الله تعالى في ذلك بأن لعنهم وذمهم فدلّ على أنّهم كانوا مخطئين ، كما هم مخطئون .
وقال أبو عليّ الفارسي : ما يدرك به المعلومات من الحواس وغيرها ، إذا ذكر بأنّه لا يعلم وصف بأنّ عليه مانعاً كقوله تعالى : * ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) * [1] فإنّ القفل لما كان مانعاً من الدخول إلى المقفل عليه شبّه القلوب به ، ومثله قوله : * ( سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا ) * [2] وقوله : * ( الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي ) * [3] ومثله : * ( بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمونَ ) * [4] وقوله : * ( صُمٌّ بُكْمٌ ) * [5] لأنّ
