وقال قوم سمّي روحاً لأنّه كان بمنزلة الأرواح للأبدان تحيي بما يأتي به من البينات ، وقال آخرون : سمّي بذلك لأنّ الغالب على جسمه الروحانية لرقته وكذلك سائر الملائكة ، وإنّما خصّ به تشريفاً ، والتقديس والتطهير والقدس : الطهر .
وقال السدي : القدس ها هنا البركة ، يقال : قدّس عليه برك عليه ، ويكون اضافته إلى نفسه كقوله : * ( حَقُّ الْيَقِينِ ) * .
وقال الربيع : القدس الرب .
وقال ابن زيد : القدس هو الله ، وأيده بروحه ، واحتج بقوله : * ( الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ ) * . وقال : القدوس والقدس واحد .
وروي عن ابن عباس أنّ القدس الطاهر ، وقال الراجز :
الحمد لله العليّ القادس وقال رؤبة :
دعوت ربّ القوة القدوسا وقوله : * ( أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ ) * فالخطاب بذلك متوجه إلى يهود بني إسرائيل وكأنّه قال : يا معشر يهود بني إسرائيل لقد آتينا موسى التوراة ، وتابعنا من بعده الرسل إليكم ، وآتينا عيسى بن مريم الحجج والبينات إذ بعثناه إليكم وأيّدناه بروح القدس ، وأنتم كلّما جاءكم رسول من رسلي بغير الّذي تهواه أنفسكم استكبرتم عليهم تجبراً وبغياً ، وكذّبتم منهم بعضاً وقتلتم بعضاً ، وظاهر الخطاب وإن كان خرج مخرج التقدير فهو بمعنى الخبر .
