وقوله : * ( وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوح الْقُدُسِ ) * أي قوّيناه وأعنّاه ، يقال منه أيدك الله ، أي قوّاك الله ، وهو رجل ذو أيد وذو أياد أي ذو قوة ، ومنه قول العجاج :
من إن تبدلت بآدي آدا [1] يعني بقوة شبابي قوة الشيب ، قال الشاعر :
انّ القداح إذا اجتمعن فرامها * بالكسر ذو جلد وبطش أيّد [2] يعني بالأيّد القوي .
قال قتادة والسدي والضحاك والربيع : روح القدس هو جبرائيل ( عليه السلام ) .
قال ابن زيد : أيد الله عيسى بالإنجيل روحاً كما جعل القرآن روحاً كلاهما روح الله كما قال : * ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا ) * .
وروى الضحاك عن ابن عباس أنّ الروح الاسم الّذي كان يحيي به الموتى ، وأقوى الأقوال قول من قال : هو جبرائيل ( عليه السلام ) لأنّ الله تعالى أيد عيسى به ، كما قال تعالى : * ( يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوح الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ) * [3] فأخبر أنّه أيّده به فلو كان المراد به الإنجيل لكان ذلك تكراراً .
وإنّما سمّي الله تعالى جبرائيل روحاً وأضافه إلى القدس ، لأنّه كان بتكوين الله روحاً من عنده من غير ولادة والدٍ ولده .
