وقال أكثر المفسّرين : سمّوا أميين لأنّهم لا يحسنون الكتابة ولا القراءة ، يقال منه : رجل أمي بيّن الأمية ، ومنه قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : “ انّا أمة أميون لا نكتب ولا نحسب ” ، وإنّما سمّي من لا يحسن الكتابة أمياً لأحد أمور : قال قوم : هو مأخوذ من الأمة أي هو على أصل ما عليه الأمة من أنّه لا يكتب ، لا يستفيد الكتابة بعد إذ لم يكن يكتب .
الثاني : أنّ الأمة الخلقة ، فسمّي أمياً لأنّه باق على خلقته . ومنه قول الأعشى :
وانّ معاوية الأكرمي * - ن حسان الوجوه طوال الأمم [1] والثالث : أنّه مأخوذ من الأم ، وإنّما أخذ منه لأحد أمرين : أحدهما : لأنّه على ما ولدته أمه من أنّه لا يكتب ، والثاني : نسب إلى أمه ، لأنّ الكتابة كانت في الرجال دون النساء ، فنسب من لا يكتب من الرجال إلى أمه لجهلها دون أبيه ، وقال أبو عبيدة : الاميّون هم الأمم الذين لم ينزل عليهم كتاب ، والنبيّ الأمي : الّذي لا يكتب ، وأنشد لتبع :
له أمة سميت بالزبو * رأُمّية هي خير الأمم وروي عن ابن عباس : أنّ الأميّين قوم لم يصدّقوا رسولاً أرسله الله ( عز وجل ) ولا كتاباً أنزله ، وكتبوا كتاباً بأيديهم ، وقالوا لقوم جهال هذا من عند الله ، وقال : قد أخبر أنّهم يكتبون بأيديهم ، ثم سمّاهم أميّون لجحودهم كتاب الله ( عز وجل ) ورسله .
والوجه الأوّل أوضح في اللغة ، وهذا الوجه مليح لقوله في الآية الثانية : * ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ) * فأثبت أنّهم يكتبون ، ومن قال بالأوّل يحتاج أن يجعل هذا مستأنفاً لغير من تقدّم ذكره أو لبعضهم .
