ومثله روي عن أبي جعفر ( عليه السلام ) وأصل الباب الفتح في لغة العرب : القضاء والنصرة والحكم ، يقال : اللّهمّ افتح بيني وبين فلان أي أحكم بيني وبينه ، ومنه قوله تعالى : * ( وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ ) * [1] يعني هذا القضاء ، فقال تعالى : * ( قُلْ يَوْمَ الْفَتْح ) * [2] يعني يوم القضاء . وقال الشاعر :
ألا أبلغ بني عصم رسولا * فانّي عن فُتاحتكم غنيّ [3] ويقال للقاضي الفتاح ، قال الله تعالى : * ( رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ) * [4] يعني احكم به ، ويقال : فتح بمعنى علم ، فقال : افتح على هذا أي اعلمني بما عندك فيه ، وإذا كان معنى الفتح ما وصف فقد بان أنّ معنى الآية : أتحدّثونهم بما حكم الله وقضاه فيكم ، ومن حكمه ما أخذ به ميثاقهم من الإيمان بمحمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بما بيّنه في التوراة ، ومن قضائه أنّه جعل منهم القردة والخنازير .
فإذا ثبت ذلك فإنّ أقوى التأويلات قول من قال : أتحدّثونهم بما فتح الله عليكم من بعث محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وصفته في التوراة ، وأنّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى خلقه .
وروي عن أبي جعفر ( عليه السلام ) أنّه قال : كان قوم من اليهود ليسوا بالمعاندين المتواطئين ، إذا لقوا المسلمين حدّثوهم بما في التوراة من صفة محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فنهاهم كبراؤهم عن ذلك ، وقالوا : لا تخبروهم بما في التوراة من صفة محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيحاجوكم به عند ربكم ، فنزلت الآية .
