فيقول : فلان قتلني فيزول الخلف والتدارؤ بين القوم ، والقديم تعالى وإن كان قادراً على الإحياء من دون ذلك فإنّ هذا أظهر ، والاخبار به أعجب لأنّه معجز خارق للعادة .
والتقدير في الآية : فقلنا اضربوه ببعضها فضربوه فحيي ، كما قال : * ( اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ ) * تقديره فضرب فانفلق ، وكذلك قوله : * ( يُحْيِ الْمَوْتَى ) * فيه اضمار كأنّه قال : فقلنا اضربوه ببعضها فحيي كذلك يحيي الله الموتى ، أي اعلموا أنّ ما عاينتموه أنّ الله قادر على أن يحيي الموتى للجزاء ، والحساب الّذي أوعدكم به ، ولما ضربوه ببعض البقرة أحياه الله تعالى ، فقال : قتلني ابن أخي ثم قبض . وكان اسمه عاميل ، فقال بنو أخيه : والله ما قتلناه وكذبوا الحقّ بعد معاينته ، وإنّما جعل سبب احيائه الضرب بموات لا حياة فيه ، لئلا يلتبس على ذي شبهة أنّ الحياة انتقلت إليه ممّا ضرب به لتزول الشبهة ، وتتأكد الحجة .
وقوله : * ( كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى ) * يحتمل أن يكون حكاية عن قول موسى لقومه ، ويحتمل أن يكون خطاباً من الله تعالى لمشركي قريش .
وقوله : * ( لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) * أي لتعقلوا ، وقد كانوا عقالاً قبل ذلك ، لأنّ من لا عقل له لا تلزمه الحجة ، لكنه أراد تنبيههم ، وأن يقبلوا ما يدعون إليه ، ويطيعوه ويعرفوه حقّ معرفته .
قوله تعالى : * ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهارُ وإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ومَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) * آية واحدة بلا خلاف ( 74 ) .
