ويقال : فلان لا يداري ولا يماري أي لا يخالف ، ومنه قوله : * ( وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ) * أي مظهر ما كنتم تسرون من القتل .
قوله تعالى : * ( فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى ويُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) * آية بلا خلاف ( 73 ) .
روي ابن سيرين عن أبي عبيدة السلماني قال : كان رجل من بني إسرائيلً وله مال كثير ، فقتله وارثه وجرّه ، فقدّمه على باب أناس آخرين ، ثم أصبح يدّعيه عليهم حتى تسلح هؤلاء وهؤلاء ، وأرادوا أن يقتتلوا ، فقال ذووا النهى : أتقتتلون وفيكم نبيّ الله ؟ فأمسكوا حتى أتوه ، فأمرهم أن يذبحوا بقرة ، فيضربوه ببعضها ، فقالوا : أتتخذنا هزواً ؟ قال : أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ، قال : فوجدوها عند رجل فقال : لا أبيعها إلاّ بملء جلدها ذهباً ، وكان باراً بأبيه ، فعوّضه الله عن ذلك وجازاه عن برّه بأبيه ، إذ باع البقرة بملء جلدها ذهباً فضربوه ببعضها فتكلم فقال : قتلني فلان ، ثم عاد ميتاً فلم يورّث قاتل بعده .
واختلفوا ( في البعض من البقرة المضروب به القتيل ) فقال الفرّاء : ضرب بذنبها ، وقال البعض : أقلّ من النصف ، وقال ابن زيد : ضرب ببعض ارابها ، وقال أبو العالية : ضرب بعظم من عظامها ، وقال السدي : ضرب بالبضعة التي بين الكتفين .
وقال مجاهد وعكرمة وقتادة : ضرب بفخذ البقرة ، والهاء في قوله فاضربوه كناية عن القتيل ، والهاء في قوله : ببعضها كناية عن البقرة . وهذه الأقاويل كلّها محتملة الظاهر .
والمعلوم أنّ الله تعالى أمر أن يضرب القتيل ببعض البقرة ، ولا يضرّ الجهل بذلك البعض بعينه ، وإنّما أمرهم بذلك لأنّهم إذا فعلوه أحيي الميت
