ويقوي ذلك قوله تعالى بعد جمع الأوصاف : * ( الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ) * أي جئت به على جهة التفصيل ، وإن كان جاءهم بالحقّ مجملاً ، وهذا واضح بحمد الله ، وقد استوفينا الكلام في هذه الآية وغيرها في العدّة في أصول الفقه ما لا مزيد عليه .
قوله تعالى : * ( وإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها واللَّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ) * آية ( 72 ) .
تقدير الآية : واذكروا إذ قتلتم نفساً فادارأتم فيها ، وهو عطف على قوله : * ( وَاذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ) * وهو متقدّم على قوله : * ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ) * لأنّهم إنّما أمروا بذبح البقرة بعد تدارئهم في أمر المقتول .
ومعنى ادارأتم : اختلفتم وأصله تدارأتم ، فأدغمتء في الدال بعد أن سكنت ، وجعلوا قبلها ألفاً لتمكن النطق بها ، قال أبو عبيدة : ادارأتم بمعنى اختلفتم فيها ، من التدارؤ ، ومن الدرء ، وقيل الدراء : العوج أي اعوججتم عن الاستقامة ، ومنه قول الشاعر :
فنكّب عنهم درء الأعادي * وداووا بالجنون من الجنون [1] أي اعوجاج الأعادي ، وقال قوم : الدرء المدافعة ، ومعناه تدافعتم في القتل ، ومنه قوله : * ( وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ ) * . وقال رؤبة بن العجاج :
أدركتها قدام كلّ مدره * بالدفع عنّي درء كلّ عنجه [2]
