وقوله : * ( نَكَالاً ) * قال ابن عباس : عقوبة ، وقال غيره : ينكل بها من يراها ، وقيل : انّها شهرة ، لأنّ النكال الاشتهار بالفضيحة ، ذكر ذلك الجبائي وليس بمعروف .
والنكال الارهاب للغير وأصله المنع ، لأنّه مأخوذ من النكل وهو القيد ، وهو أيضاً اللجام وكلاهما مانع .
وقوله : * ( لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا ) * روي عن عكرمة عن ابن عباس : أنّه أراد ما بين يديها وما خلفها من القرى ، وروي عن الضحاك عن ابن عباس أنّه أراد ما بين يديها يعني من بعدهم من الأمم ، وما خلفها الذين كانوا معهم باقين ، وقال السدي : * ( مَا بَيْنَ يَدَيْهَا ) * من ذنوبها * ( وَمَا خَلْفَهَا ) * يعني عبرة لمن يأتي بعدهم من الأمم ، وقال قتادة : لما بين يديها ذنوب القوم وما خلفها الحيتان التي أصابوها ، وقال مجاهد : ما بين يديها ما مضى من خطاياهم ، وما خلفها من خطاياهم التي أهلكوا بها * ( وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ) * خصّ المتقين بها وإن كانت موعظة لغيرهم ، لانتفاع المتقين بها دون الكافرين ، كما قلناه في غيره ، كقوله : * ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) * وأصل النكال العقوبة ، تقول : نكل فلان بفلان ينكل تنكلاً ونكالاً . قال عدي بن زيد :
لا يسخط المليك ما يصنع العب * - د ولا في نكاله تنكير [1] وأقوى التأويلات ما رواه الضحاك عن ابن عباس : من انّها كناية عن العقوبة والمسخة التي مسخها القوم ، لأنّ في ذلك إشارة إلى العقوبة التي حلّت بالقوم وإن كانت باقي الأقوال أيضاً جائزة .
