الآية ، ثم قال : * ( فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) * يعني فلولا أنّ فضل الله عليكم بالتوبة بعد نكثكم الميثاق الّذي واثقتموه إذ رفع فوقكم الطور فاجتهدتم في طاعته ، وأداء فرائضه ، وأنعم عليكم بالإسلام ، وبرحمته التي رحمكم بها ، فتجاوز عن خطيئتكم بمراجعتكم طاعة ربكم لكنتم من الخاسرين .
وهذا وإن كان خطاباً لمن كان بين ظهراني مهاجر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فانّما هو خبر عن أسلافهم ، فأخرج الخبر مخرج الخبر عنهم ، على نحو ما مضى ذكره ، وقال قوم : الخطاب في هذه الآية إنّما أخرج بإضافة الفعل إلى المخاطبين والفعل لغيرهم لأنّ المخاطبين إنّما كانوا يتولّون من كان فعل ذلك من أوائل بني إسرائيل ، فصيّرهم الله منهم ، من أجل ولايتهم لهم ، وقال بعضهم : إنّما قال لهم ذلك ، لأنّ سامعيه كانوا عالمين ، وانّ الخطاب خرج مخرج الخطاب للأحياء من بني إسرائيل ، وأهل الكتاب - وإن كان المعنى في ذلك إنّما هو خبر عمّا مضى من أسلافهم - ومثل ذلك قول الشاعر :
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة * ولم تجدي من أن تقري به بدّا [1] فقال : إذا ما انتسبنا ، وإذا تقتضي من الفعل مستقبلاً ، ثم قال : لم تلدني فأخبر عن ماض ، لأنّ الولادة قد مضت لأنّ السامع فهم معناه - والأوّل أقوى - وقال أبو العالية : فضل الله الإسلام ورحمته القرآن .
وقوله : * ( فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ ) * .
لا يدلّ على أنّ الذين خسروا ، لم يكن عليهم فضل الله ، لأنّ فضل الله شامل لجميع الخلائق ، لأنّ ذلك دليل الخطاب ، وليس ذلك بصحيح عند الأكثر ،
