الثقفي : وإنّما قال : * ( لا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) * وإن كان العيث لا يكون إلاّ فساداً ، لأنّه يجوز أن يكون فعلاً ظاهره الفساد ، وباطنه المصلحة كخرق موسى السفينة ، فبين ذلك العيث الّذي هو الفساد ظاهراً وباطناً .
قوله تعالى : * ( وإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الأرْضُ مِنْ بَقْلِها وقِثَّائِها وفُومِها وعَدَسِها وبَصَلِها قالَ أتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ وضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ والْمَسْكَنَةُ وباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ويَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وكانُوا يَعْتَدُونَ ) * آية بلا خلاف ( 61 ) .
فإذا ثبت ذلك فكأنّه قال : واذكروا إذ قلتم يا معشر بني إسرائيل ، لن نطيق حبس أنفسنا على طعام واحد ، وذلك الطعام هو ما أخبر الله ( عز وجل ) إذ أطعمهم في تيههم وهو السلوى في قول أهل التفسير ، وفي قول ابن منبه : الخبز النقي مع اللحم ، قيل : ادع لنا ربك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من البقل والقثاء ، وما سمّاه الله مع ذلك وذكر أنّه سألوه لموسى ، وكان سبب مسألتهم ذلك ما رواه قتادة قال : كان القوم في البرية ، وقد ظلّل عليهم الغمام ، وأنزل عليهم المن والسلوى ، فملّوا ذلك وذكروا عيناً كانت لهم بمصر فسألوا ذلك موسى ، فقال الله تعالى : اهبطوا مصراً فإنّ لكم ما سألتم .
