الغرض ، ارتفع وجوب العمل بالشرع ، وكما أنّه لا يجوز تكليف الطاعة مع رفع التمكن مع المعرفة من غير ضرورة إليها ، قال : ووجه القول الثاني أنّه لما كان الشكر على النعمة يجب في المشاهد مع الضرورة إلى معرفة النعم ، كان الشكر للنعمة التي هي أجل من نعمة كلّ منعم في الشاهد أولى أن تجب مع الاضطرار إلى المعرفة .
ولأبي عليّ أن يقول : لا نمنع من الوجوب ، لكن لا يجوز التكليف ، لأنّ الغرض المعرفة ، أي هي أصل ما وقع التكليف به للعباد .
والّذي أقوله : إنّ الّذي يحيي بعد الإماتة ، إن كان لم يخلق له المعرفة الضرورية لم يضطر إليها ، فإنّه يمتنع تكليفه ، لأنّ العلم بانّ الإحياء بعد الإماتة ، لا يقدر عليه غير الله طريقه الدليل وغوامض الاستدلال ، فليس إحياؤه بعد الإماتة ما يوجب أن يكون مضطراً إلى معرفته ، فلذلك يصحّ تكليفه ، وليس الإحياء بعد الإماتة إلاّ كالانتباه من النوم والإفاقة بعد الغشية ، فإنّ ذلك لا يوجب علم الاضطرار ، وإن فرضنا انّه خلق فيه المعارضة ضرورة ، فلا يحسن تكليفه ، لأنّ حسن التكليف موقوف على إزاحة علة المكلف من فعل اللطف ، والاقدار وغير ذلك .
ومن جملة الالطاف تكليفه للمعرفة ، والضرورية لا تقوم مقامها على ما بيّناه في الأصول ، وإذاً لا يحسن تكليفه ، لأنّه يصير مكلفاً ولم يفعل به ما هو لطف منه ، وذلك لا يجوز .
وقوله : * ( لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) * معناه لكي تشكروا ، وهذه لام الغرض ، وفيه دليل على فساد قول المجبرة إنّ الله تعالى ما أراد من الكفار الشكر ، لأنّه لو أراد كفرهم ، لقال : لتكفروا وذلك خلاف القرآن .
