فإن قيل : إذا كانوا نجوهم والله أنجاهم ، ما المنكر أن يكون العاصي هو الّذي عصى الله والله خلق معصيته ؟
قيل : لا يجب ذلك ، ألا ترى أنّه يقال قد ينجيني زيد فأنجو ، وإن لم يكن فعل بلا خلاف ، وكذلك إذا استنقذنا النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الضلالة فخلّصنا لا يجب أن يكون من فعل فعلنا .
واخبار الله اليهود بهذه القصة على لسان رسوله من دلائل نبوته ، لأنّ منشأه معروف وبعده عن مخالطة الكتابيين معلوم .
قوله تعالى : * ( وإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ) * آية ( 50 ) .
ومعنى فرقنا بكم البحر أي فرقنا بين الماءين حتى مررتم فيه وكنتم فرقاً بينهما ، والفرق والفصل والقطع نظائر .
ومعنى قوله : * ( فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ ) * أي جعلناكم بين فرقيه تمرون في طريق يبس ، كما قال تعالى : * ( فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً ) * [1] وقال : * ( فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيم ) * [2] وقال بعضهم في معنى فرقنا يعني بين الماء وبينكم ، أي فصلنا بينكم وبينه حجزنا حيث مررتم فيه ، وهذا خلاف الظاهر ، وخلاف ما بيّنه في الآيات الأخر التي وردت مفسّرة لذلك ، ومبيّنة لما ليس فيه اختلاف .
وقوله : * ( وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ ) * .
