والأبناء جمع ابن ، والمحذوف من الابن عند الأخفش الواو ، لأنّها أثقل وهي بالحذف أولى ، وقال الزجاج : يجوز أن يكون المحذوف ياء وواو هما سيان ولا حجة في البنوة كما لا حجة في الفتوة ، لقولهم فتيان قال : وقد جاء حذف الياء كما في يد ، كقولهم : يديت إليهم يداً ، وفي دم قال الشاعر :
فلو أنّا على حجر ذبحنا * جرى الدميان بالخبر اليقين والقتل الّذي هو فري الأوداج ، أو نقض بنية الحياة يقدر الواحد منّا عليه ، وأما الموت بتسكين الحركة الحيوانية ، أو فعل ضد الحياة عند من قال : لها ضد ، فلا يقدر عليه غير الله .
و * ( يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ) * كان بذبح الأبناء واستحياء النساء ، وقيل : باستعمالهم في الأعمال الشاقة ، واستحياء النساء كان بأن يستبقين ، وقيل : انّه كان يفتش أحياء النساء عما يلدن ، وقيل : إنّهم كانوا يستحيون أن يلجوا على النساء في بيوتهنّ إذا انفردن عن الرجال صيانة لهم ، فعلى هذا يكون إنعاماً عليهنّ ، وهذا بعيد من أقوال المفسّرين .
والسبب في أنّ فرعون كان يذبح الأبناء ويستحيي النساء ما ذكره السدي وغيره ، أنّ فرعون رأى في منامه ناراً أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر ، فأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل ، وأخربت مصر ، فدعى السحرة والكهنة والقافة ، فسألهم عن رؤياه فقالوا : يخرج من هذا البلد الّذي جاء بنو إسرائيل منه - يعنون بيت المقدس - رجل يكون على يده هلاك مصر ، فأمر بني إسرائيل ألاّ يولد لهم غلام إلاّ ذبحوه ، ولا جارية إلاّ تركت .
وليس في الآية دلالة على سقوط القود عمّن قتل غيره مكرهاً ، ولا القود على المكره ولا أن كان مختاراً غير مكره ، فالقود عليه لأنّه لم يجر لذلك ذكر .
