قرأ ابن كثير وأهل البصرة لا يقبل منها بالياء ، الباقون بالتاء .
ومعنى قوله : * ( لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ) * [1] أي لا تقابل مكروهها بشيء يدرأه عنها ، قال الله تعالى : * ( هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) * [2] وقال : * ( الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) * [3] والفرق بين المقابلة والمجازاة أنّ المقابلة قد تكون للمساواة فقط كمقابلة الكتاب بالكتاب ، والمجازاة تكون في الشر بالشر والخير بالخير ، ومعنى قوله : * ( لا تَجْزِي ) * أي لا تغني وهو قول السدي كما تقول : البقرة تجزي عن سبعة وهي لغة أهل الحجاز ، وبنو تميم تجزئ بالهمزة من أجزأه ، والأوّل من جزت ، وقال الأخفش : لا تجزي منها أي لا يكون مكانها بدلاً منها ، وأنكر عليهم ذلك لقوله : * ( شَيْئاً ) * .
وجعل الأخفش لا تجزي منها * ( شَيْئاً ) * في موضع المصدر كأنّه يقول لا تجزي جزاء ولا تغني غناء ، قال الرماني : والأقرب أن تكون * ( شَيْئاً ) * في موضع حقاً ، كأنّه قيل : لا يؤدي عنها حقاً وجب عليها ، وقال بعضهم : * ( لا تَجْزِي ) * بمعنى لا تقضي .
وقبول الشيء تلقيه والأخذ به ، وضده الإعراض عنه ومن ثم قيل لتجاه القبلة قبالة ، وقالوا : أقبلت المكواة الداء أي جعلتها قبالته ، ويجوز أن يكون المخاطبون بذلك اليهود ، لأنّهم زعموا أنّ آباءهم الأنبياء وتشفع لهم وأُويسوا بقوله : * ( قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ) * وبقوله : * ( لا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ ) * والقبول والانقياد والطاعة والإجابة نظائر .
