وأمّا الشفاعة فهي مأخوذة من الشفع الّذي هو خلاف الوتر ، فكأنّه سؤال من الشفيع ، شفع : سؤال المشفوع له ، والشفاعة والوسيلة والقربة والوصلة نظائر .
وقوله : * ( وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ ) * مخصوص عندنا بالكفّار ؛ لأنّ حقيقة الشفاعة عندنا أن يكون في اسقاط المضارّ دون زيادة المنافع ، والمؤمنون عندنا يشفع لهم النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيشفّعه الله تعالى ، ويسقط بها العقاب عن المستحقين من أهل الصلاة لما روي من قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : “ ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ” وإنّما قلنا لا تكون في زيادة المنافع ، لأنّها لو استعملت في ذلك ، لكان أحدنا شافعاً في النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا سأل الله أن يزيده في كراماته ، وذلك خلاف الإجماع ، فعلم بذلك أنّ الشفاعة مختصة بما قلناه ، وعلم بثبوت الشفاعة أنّ النفي في الآية يختص بالكفار دون أهل القبلة ، والآيات الباقيات [1] نتكلم عليها إذا انتهينا إليها إن شاء الله .
والشفاعة ثبت عندنا للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكثير من أصحابه ولجميع الأئمة المعصومين وكثير من المؤمنين الصالحين .
وقيل : إنّ نفي الشفاعة في هذه الآية يختص باليهود من بني إسرائيل ، لأنّهم ادعوا أنّهم أبناء الله وأحبّاؤه وأولاد أنبيائه ، وأنّ آباءهم يشفعون إليه فآيسهم الله من ذلك ، فأخرج الكلام مخرج العموم ، والمراد به الخصوص ، ولا بدّ من تخصيص الآية لكلّ أحد ، لأنّ المعتزلة والقائلين بالوعيد يثبتون شفاعة مقبولة - وإن قالوا أنّها في زيادة المنافع - .
والعدل ، والحق ، والإنصاف نظائر . والعدل : نقيض الجور .
قوله : * ( وَلا هُمْ يُنصَرُونَ ) * .
