وقال المبرد : ليس من كلام العرب : أظن عند زيد مالاً ، يريد : أعلم لأنّ العلم المشاهد لا يناسب باب الظن ، وقد أفصح في ذلك أوس بن حجر في قوله :
الألمعي الّذي يظن بك الظن * كأن قد رأى وقد سمعا وقال آخر :
فإلاّ يأتكم خبر يقين * فإنّ الظن ينقص أو يزيد وقال بعض الشيوخ : أصل الظن ما يجول في النفس من الخاطر الّذي يغلب على القلب ، كأنّه حديث النفس بالشيء ، وتأوّل جميع ما في القرآن من معنى العلم على هذا .
وقال الحسن وأبو العالية ومجاهد وابن جريج : يظنون ، أي يوقنون ، ومثله : * ( ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيه ) * [1] أي علمت ، ومثله : * ( وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنْ اللَّهِ إِلاّ إِلَيْهِ ) * [2] ومعناه استيقنوا ، وقوله : * ( وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا ) * [3] ، يعني : علموا ، وقد جاء في القرآن الظن بمعنى الشك كقوله : * ( إِنْ هُمْ إِلاّ يَظُنُّونَ ) * [4] وقوله : * ( إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئاً ) * [5] .
وقال قوم : يحتمل قوله * ( يَظُنُّونَ ) * وجهاً آخراً ، وهو أنّهم يظنون أنّهم ملاقوا ربّهم بذنوبهم لشدة إشفاقهم من الإقامة على معصية الله ، وهذا وجه مليح ، وقد استبعده الرماني وقال : لأنّ فيه حذوفاً كثيرة ، وليس بمنكر إذا كان الكلام محتملاً له .
