بالكذب ، وقال الحسن : كتموا صفة محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ودينه وهو الحقّ ، وأظهروا دين اليهودية والنصرانية ، وقال ابن زيد : الحقّ التوراة التي أنزلها الله على موسى والباطل ما لبّسوه بأيديهم ، واللبس في الآية قيل معناه : التعمية ، وقيل : خلط الحقّ بالباطل ، عن ابن عباس ، ومنه قوله : * ( وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ ) * أي لخلطنا عليهم ما يخلطون . قال العجاج :
لما لبسن الحقّ بالتجنّي * عيين واستبدلن زيداً منّي [1] وقال بعضهم : الحقّ إقرارهم بأنّ محمّداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مبعوث إلى غيرهم ، والباطل إنكارهم أن يكون بعث إليهم ، وهذا ضعيف ، لأنّه إن جاز ذلك على نفر يسير ، لم يجز على الخلق الكثير ، مع إظهار النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتكذيبهم فيه ، وإقامة الحجة عليهم .
قال قوم : هو متوجه إلى رؤساء أهل الكتاب ، ولذلك وصفهم بأنّهم يحرّفون الكلم عن مواضعه للتلبيس على أتباعهم - قالوا - وهذا تقبيح لما يفعلونه ، وكذلك قوله : * ( وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ ) * أي تتركون الاعتراف به ، وأنتم تعرفونه أي تجحدون ما تعلمون ، وجحد المعاند أعظم من جحد الجاهل ، ومن قال هذا ، لا يلزمه ما يتعلّق به أهل التعارف من هذه الآية ، من قولهم : إنّ الله أخبر أنّهم يكتمون الحقّ وهم يعلمون ، لأنّه إذا خص الخطاب بالرؤساء - وهم نفر قليل - فقد جوّز على مثلهم العناد والاجتماع على الكتمان ، وإنّما يمنع مع ذلك في الجماعة الكثيرة ، لما يرجع إلى العادات ، واختلاف الدواعي ، كما قيل في الفرق بين التواطي والاتفاق في العدد الكثير ، وقال بعضهم : وأنتم تعلمون البعث والجزاء .
