و * ( أَصْحَابُ النَّارِ ) * هم الملازمون لها ، كما تقول : أصحاب الصحراء يعني القاطنين فيها ، الملازمين لها .
والخلود معرب من العرف ، يدلّ على الدوام لأنّهم يقولون : ليست الدنيا دار خلود ، وأهل الجنة مخلدون ، يريدون الدوام فأما في أصل الوضع ، فإنّه موضوع لطول الحبس .
فإن قيل : لم دخلت الفاء في قوله : * ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) * في سورة الحجّ ولم يقل هاهنا في قوله : * ( أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ) * ؟
قيل : لأنّ ما دخلت فيه الفاء من خبر الّذي وأخواته مشبه بالجزاء ، وما لم يكن فيه فاء ، فهو على أصل الخبر ، وإذا قلت : ما لي ، فهو لك ، جاز على وجه ، ولم يجز على وجه ، فإن أردت أنّ معنى ما الّذي ، فهو جائز ، وإن أردت أنّ مالي تريد به المال ، ثم تضيفه إليك ، كقولك : غلامي لك ، لم يجز ، كما لم يجز غلامي فهو لك .
قوله تعالى : * ( يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) * آية بلا خلاف ( 40 ) .
وقال أكثر المفسّرين : إنّ المعنى ، يا بني إسرائيل ، أحبار اليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهو المحكي عن ابن عباس ، وقال الجبائي : المعني به بنو إسرائيل من اليهود والنصارى ، ونسبهم إلى الأب الأعلى ، كما قال : * ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) * [1] .
