ومعنى قوله : * ( أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) * قال ابن عباس : أوفوا بما أمرتكم من طاعتي ، ونهيتكم عن معصيتي في النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وغيره * ( أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) * أي أرضى عنكم ، وأدخلكم الجنة ، وسمّي ذلك عهداً ، لأنّه تقدّم بذلك إليهم في الكتب السابقة كما قال : * ( يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) * [1] .
والعهد : هو العقد عليهم في الكتاب السابق بما أمروا به ونهوا عنه ، قال بعضهم : إنّما جعله عهداً ، لتأكيده بمنزلة العهد الّذي هو اليمين ، قال الله تعالى : * ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ) * [2] وقال الحسن : العهد الّذي عاهدهم عليه حيث قال : * ( خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ ) * أي بجد * ( وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ ) * أي ما في الكتاب في قوله * ( وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي . . . ) * [3] إلى آخر الآية ، وقال الجبائي : جعل تعريفه إياهم نعمه عهداً عليهم وميثاقاً لأنّه يلزمهم القيام بما يأمرهم به من شكر هذه النعمة ، كما يلزمهم الوفاء بالعهد ، والميثاق الّذي يأخذ عليهم ، والقول الأوّل أقوى ، لأنّ عليه أكثر المفسّرين ، وبه يشهد القرآن .
قوله تعالى : * ( وآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ ولا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ ولا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ) * آية واحدة بلا خلاف ( 41 ) .
