نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 235
ثم انصرفت . فقال أبو بكر : يا رسول الله ، أما تراها رأتك ؟ قال : [ ما رأتني ، لقد أخذ الله بصرها عني ] . وكانت قريش إنما تسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم مذمما ، يسبونه ، وكان يقول : [ ألا تعجبون لما صرف الله عني من أذى قريش ، يسبون ويهجون مذمما وأنا محمد ] . وقيل : إن سبب نزولها ما حكاه عبد الرحمن بن زيد أن أبا لهب أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ماذا أعطى إن آمنت بك يا محمد ؟ فقال : [ كما يعطى المسلمون ] قال ما لي عليهم فضل ؟ ! . قال : [ وأي شئ تبغي ] ؟ قال : تبا لهذا من دين ، أن أكون أنا وهؤلاء سواء ، فأنزل الله تعالى فيه . " تبت يدا أبي لهب وتب " . وقول ثالث حكاه عبد الرحمن بن كيسان قال : كان إذا وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وقد انطلق إليهم أبو لهب فيسألونه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون له : أنت أعلم به منا . فيقول لهم أبو لهب : إنه كذاب ساحر . فيرجعون عنه ولا يلقونه . فأتى وفد ، ففعل معهم مثل ذلك ، فقالوا : لا ننصرف حتى نراه ، ونسمع كلامه . فقال لهم أبو لهب : إنا لم نزل نعالجه فتبا له وتعسا . فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتأب لذلك ، فأنزل الله تعالى " تبت يدا أبي لهب " . . . السورة . وقيل : إن أبا لهب أراد أن يرمي النبي صلى الله عليه وسلم بحجر ، فمنعه الله من ذلك ، وأنزل الله تعالى : " تبت يدا أبي لهب وتب " للمنع الذي وقع به . ومعنى " تبت " : خسرت ، قاله قتادة . وقيل : خابت ، قال ابن عباس . وقيل ضلت ، قاله عطاء . وقيل : هلكت ، قاله ابن جبير . وقال يمان بن رئاب : صفرت من كل خبر . حكى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء أنه لما قتل عثمان رحمه الله سمع الناس هاتفا يقول : لقد خلوك وانصرفوا * فما آبوا ولا رجعوا ولم يوفوا بنذرهم * فيا تبا لما صنعوا وخص اليدين بالتباب ، لان العمل أكثر ما يكون بهما ، أي خسرتا وخسر هو . وقيل : المراد باليدين نفسه . وقد يعبر عن النفس باليد ، كما قال الله تعالى : " بما قدمت يداك " [2] [ الحج : 10 ] .
( 1 ) في بعض نسخ الأصل : * فتبا للذي صنعوا * [2] آية 10 سورة الحج .
235
نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 235