نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 114
البعث . وقيل : المراد بالانسان آدم وذريته . " في أحسن تقويم " وهو اعتداله واستواء شبابه ، كذا قال عامة المفسرين . وهو أحسن ما يكون ، لأنه خلق كل شئ منكبا عل وجهه ، وخلقه هو مستويا ، وله لسان ذلق ، ويد وأصابع يقبض بها . وقال أبو بكر بن طاهر : مزينا بالعقل ، مؤديا للامر ، مهديا بالتمييز ، مديد القامة ، يتناول مأكوله بيده . ابن العربي : " ليس لله تعالى خلق أحسن من الانسان ، فإن الله خلقه حيا عالما ، قادرا مريدا متكلما ، سميعا بصيرا ، مدبرا حكيما . وهذه صفات الرب سبحانه ، وعنها عبر بعض العلماء ، ووقع البيان بقوله : [ إن الله خلق آدم على صورته ] يعني على صفاته التي قدمنا ذكرها . وفي رواية [ على صورة الرحمن ] ومن أين تكون للرحمن صورة متشخصة ، فلم يبق إلا أن تكون معاني " . وقد أخبرنا المبارك بن عبد الجبار الأزدي قال : أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن أبي علي القاضي المحسن عن أبيه قال : كان عيسى بن موسى الهاشمي يحب زوجته حبا شديدا فقال لها يوما : أنت طالق ثلاثا إن لم تكوني أحسن من القمر ، فنهضت واحتجبت عنه ، وقالت : طلقتني ! . وبات بليلة عظيمة ، فلما أصبح غدا إلى دار المنصور ، فأخبره الخبر ، وأظهر للمنصور جزعا عظيما ، فاستحضر الفقهاء واستفتاهم . فقال جميع من حضر : قد طلقت ، إلا رجلا واحدا من أصحاب أبي حنيفة ، فإنه كان ساكتا . فقال له المنصور : ما لك لا تتكلم ؟ فقال له الرجل : بسم الله الرحمن الرحيم : " والتين والزيتون . وطور سينين . وهذا البلد الأمين . لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم " . يا أمير المؤمنين ، فالانسان أحسن الأشياء ، ولا شئ أحسن منه . فقال المنصور لعيسى ابن موسى : الامر كما قال الرجل ، فأقبل على زوجتك . وأرسل أبو جعفر المنصور إلى زوجة الرجل : أن أطيعي زوجك ولا تعصيه ، فما طلقك . فهذا يدلك على أن الانسان أحسن خلق الله باطنا وظاهرا ، جمال هيئة ، وبديع تركيب الرأس بما فيه ، والصدر بما جمعه ، والبطن بما حواه ، والفرج وما طواه ، واليدان وما بطشتاه ، والرجلان وما احتملتاه . ولذلك قالت الفلاسفة : إنه العالم الأصغر ، إذ كل ما في المخلوقات جمع فيه . [1]