نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 115
الثانية - قوله تعالى : ( ثم رددناه أسفل سافلين ) أي إلى أرذل العمر ، وهو الهرم بعد الشباب ، والضعف بعد القوة ، حتى يصير كالصبي في الحال الأول ، قاله الضحاك والكلبي وغيرهما . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد : " ثم رددناه أسفل سافلين " إلى النار ، يعني الكافر ، وقال أبو العالية . وقيل : لما وصفه الله بتلك الصفات الجليلة التي ركب الانسان عليها ، طغى وعلا ، حتى قال : " أنا ربكم الاعلى " [1] [ النازعات : 24 ] وحين علم الله هذا من عبده ، وقضاؤه صادر من عنده ، رده أسفل سافلين ، بأن جعله مملوءا قذرا ، مشحونا نجاسة ، وأخرجها على ظاهره إخراجا منكرا ، على وجه الاختيار تارة ، وعلى وجه الغلبة أخرى ، حتى ، إذا شاهد ذلك من أمره ، رجع إلى قدره . وقرأ عبد الله " أسفل السافلين " . وقال ، " أسفل سافلين " على الجمع ، لان الانسان في معنى جمع ، ولو قال : أسفل سافل جاز ، لان لفظ الانسان واحد . وتقول : هذا أفضل قائم . ولا تقول أفضل قائمين ، لأنك تضمر لواحد ، فإن كان الواحد غير مضمر له ، رجع اسمه بالتوحيد والجمع ، كقوله تعالى : " والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون " [2] [ الزمر : 33 ] . وقوله تعالى : " وإنا إذا أذقنا الانسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة " [3] [ الشورى : 48 ] . وقد قيل : إن معنى " رددناه أسفل سافلين أي رددناه إلي الضلال ، كما قال تعالى : " إن الانسان لفي خسر . إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " أي إلا هؤلاء ، فلا يردون إلى ذلك . والاستثناء على قول من قال " أسفل سافلين " النار ، متصل . ومن قال : إنه الهرم فهو منقطع . قوله تعالى : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ( 6 ) قوله تعالى : ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) فإنه تكتب لهم حسناتهم ، وتمحى عنهم سيئاتهم ، قاله ابن عباس . قال : وهم الذين أدركهم الكبر لا يؤاخذون بما عملوه في كبرهم .
[1] آية 24 سورة النازعات . [2] آية 33 سورة الزمر . [3] آية 48 سورة الشورى .
115
نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 115