نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 4 صفحه : 74
أن يزوجها منه ، فزوجها من رجل آخر ، فقيدناه ، فكان يعض شفتيه ولسانه حتى خشينا أن يقطعهما ، فلما رأينا ذلك خَلَّيْنا سبيله ، فمرَّ في هذه الفيافي يذهب إليه في كل يوم بطعامه فيوضع له بحيث يراه فإذا عاينه جاء فأكل ، وإذا خلقت ثيابه جاؤه بثياب ، فوضعت بحيث يراها ، فسألتهم أن تدلُّوني عليه ، فدلُّوني على فتى من الحي ، وقالوا : إنه لم يزل صديقاً له ، وليس يأنس بأحد سواه ، فسألته أن يدلني عليه ، فقال : إن كنت تريد شعره فكل شعره عندي إلى أمس وأنا ذاهب إليه غداً ، فإن كان قد ذكر شيئاً أتيتك به ، قلت : أريد أن تدلني عليه ، قال : إن رآك يفر منك ، وأخاف أن يذهب مني فيما بعد ، فيذهب شعره ، فأبيت إلا أن يدلني ، فقال : اطلبه في هذه الصحراء ، فإذا رأيته فادْنُ منه مستأنساً ، فإنه يتهددك ويتوعدك أن يرميك بشيء في يده ، فاجلس كأنك لا تنظر إليه والحَظْه ، فإذا رأيته قد سكن فاجهد أن تروي لقيس ابن ذريح شيئاً فإنه معجب به ، قال : فخرجت إليه يومي ، فوجدته بعد العصر جالساً على تل ، يخط بأصبعه خطوطاً ، فدنوت منه غير منقبض ، ففر والله كما يفر الوحش من الإنسان ، وإلى جانبه أحجار ، فتناول منها واحداً ، فأقبلت حتى جلست قريباً منه ، فمكثت ساعة ، وهو كأنه نافر ، فلما طال جلوسي سَكَنَ ، وأقبل يعبث بأصبعه ، فنظرت إليه ، وقلت : أحسن والله قيس بن ذريح ، حيث يقول : < شعر > وإني لمُفْن دَمْعَ عيني بالبكا حذاراً لما قد كان أو هو كائن وقالوا : غداً ، أو بعد ذاك بليلة فراق حبيب لم يَبِنْ وهْوَ بائن وما كنت أخشى أن تكون منيتي بكفي إلا أن ما حان حائن < / شعر > قال : فبكى والله حتى سالت دموعه ، ثم قال : أنا والله أشعر منه ، حيث أقول :
74
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 4 صفحه : 74