نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 192
النبوي الشريف والأمة المسلمة دون أن تؤثر في نفس الإمام الصادق ( ع ) ، ومدى ، حركته و نشاطه السياسي والاجتماعي ، لذلك نجده قد عكف على الاتجاه العلمي ، وعلى العناية بحفظ الشريعة ، وتربية جيل من العلماء وحملة العلم والفقه والحديث ، بعد أن رأى نفسه مقيدا لا يستطيع الحركة والتصدي السافر للسلطة الحاكمة . ومع ذلك فإن هشام بن عبد الملك كان يخشى الإمام الصادق وأباه الباقر ( ع ) ، ويخاف من تعاطفهم مع الثوار العلويين ، لذلك استدعاهما إلى الشام للتحقيق معهما ، فلم يجد حجة للنيل منهما أو الاعتداء عليهما ، فعادا إلى المدينة بعناية ربانية قاهرة . سقوط الدولة الأموية سنة 132 ه : أما الحدث الثاني الخطير في مرحلة امامة جعفر بن محمد الصادق ( ع ) فهو سقوط الدولة الأموية ، وقيام دولة بنى العباس ، وقد قامت دعوة الثورة ضد الأمويين تحت شعار الولاء لأهل البيت النبوي ( ع ) والانتصار لهم ، الا أن بنى العباس كانوا يعملون سرا لتكون الخلافة لهم ، وقد كانت في بداية الدعوة إلى إبراهيم بن محمد العباسي ، ولما قتل عهد بالبيعة لأخيه أبى العباس عبد الله بن محمد العباسي ، ولما علم أبو سلمة الخلال بموت إبراهيم وانتقال البيعة لأبي العباس ، خاف من هذا التحول واتجه إلى الإمام جعفر الصادق ( ع ) بالبيعة ، فكتب كتابا بنسختين ، إحداهما للإمام الصادق ( ع ) والأخرى لعبد الله بن الحسن ( 1 ) ، وهو من أشراف العلويين ومن نقبائهم بعد الإمام الصادق ( ع ) ، ثم أمر الرسول أن يذهب بكتابه إلى الإمام الصادق ( ع ) . وكان قد دعا الإمام الصادق في هذا الكتاب للحضور إلى الكوفة لتتم البيعة بالخلافة له ، وأمر الرسول أن يتعرف على جواب الإمام الصادق ( ع ) ، فإن أجاب بالموافقة فلا يتوجه بعده إلى أحد ، فهو الامام والرجل المؤهل للقيادة ، والا فليتوجه ( الرسول ) إلى عبد الله بن الحسن ، فحمل الرسول الرسالة ، وتوجه إلى الإمام الصادق ( ع ) ، فأخبره بما عنده فلم يجبه الصادق ( ع ) ، ولكنه أخذ الرسالة فأحرقها أمام الرسول ، وقال له : عرف صاحبك بما رأيت ، ثم أنشأ يقول ، متمثلا بقول الكميت بن زيد : . أيا موقدا نارا لغيرك ضوؤها - ويا حاطبا في غير حبلك تحطب ( 2 ) . فخرج الرسول من عنده ، وأتى عبد الله بن الحسن فتناول الكتاب وقرأه فسر به ، الا أنه لم يستطع تقرير موقف ، أو إتخاذ قرار بأمر خطير كهذا ، دون أن يطلع الإمام الصادق ( ع ) ، وكان يتصور أنه سيلقى التأييد والترحاب بهذا الطلب من الإمام الصادق ( ع ) ، الا أن الامام أخبره بالذي حدث منه مع الرسول ، ونهاه عن الاستجابة ، و حذره من العاقبة . فقد كان الإمام الصادق ( ع ) يعرف سير الاحداث ويدرك نتائجها ، ولديه علم عن
1 - جاء في بعض الاخبار أنه كتب كتابا لعمر والأشرف ، وهو علوي بارز . 2 - المسعودي / مروج الذهب / ج 3 / ص 254 .
192
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 192