نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 156
صحيح أن للإمام الحق في رفع السلاح ضد الحاكم : ولكن قد تبرز مسائل تحول دون أن يقوم الإمام بهذا الفعل . بعد هذا ينبغي أن نتناول الدوافع التي قد يكون واحد منها أو جميعها سببا لموقف الإمام السجاد ( ع ) من الحركة : . فالدافع الأول : إن الإمام السجاد ( ع ) كان يعلم أن ثورة المدينة سوف تؤدي إلى فجائع كبيرة ، وقتل النفوس الكثيرة ، وهتك الحرمات ، وذلك لأنه شاهد بنفسه ما فعله الأمويون في كربلاء بحق الإمام الحسين ( ع ) ، وأهله وأنصاره ، ولم يقف دون أفعالهم الوحشية مقام الحسين ( ع ) وصلته برسول الله ( ص ) ، فلو أعلن أهل المدينة الخروج على الشام ، فإن يزيد سيسحقهم بلا رحمة ، وقد حصل هذا على يد مسلم بن عقبة . وفي الواقع أن الإمام كان يعلم أن نتائج الثورة الفاشلة ستكون شاملة وقاسية ، و لهذا لم يشترك فيها خوفا على صحابة رسول الله ، وعلى أعراض المسلمين ونفوسهم . وكان النعمان بن بشير قد حذر القائمين بالثورة من مغبة تلك الثورة ، وخوفهم بأن الفتك ، والهتك سيكون شاملا ورهيبا ، فجاء يكلمهم في جدوى الثورة . فقال له عبد الله بن مطيع العدوي : ما يحملك يا نعمان على تفريق جماعتنا ، وفساد ما أصلح الله من أمرنا ؟ فقال النعمان : أم والله كأني بك لو قد نزلت تلك التي تدعو إليها ( أي الثورة ) ، وقامت إليها الرجال على الركب تضرب مفارق القوم وجباههم بالسيوف ، ودارت رحى الموت بين الفريقين ، وقد هربت على بغلتك تضرب جنبيها إلى مكة ، وقد خلفت هؤلاء المساكين ( يعني الأنصار ) يقتلون في سككهم ، ومساجدهم ، وعلى أبواب دورهم ، فعصاه الناس فانصرف ، وكان والله كما قال ( 1 ) . والدافع الثاني : ان حركة المدينة كانت متأخرة ، إذ كان ينبغي أن تتحرك ، حيث رفض الإمام الحسين ( ع ) البيعة ليزيد أثناء حكم معاوية ، أو تتحرك بعد وفاة معاوية ، إلا أن شيئا من ذلك لم يحصل ، حتى استقر الوضع لصالح يزيد بن معاوية . فحركة المدينة متأخرة زمنا عن وقتها المناسب ، فلا فائدة من الاشتراك فيها . والدافع الثالث : إن أية حركة لا ترتبط بالامام الشرعي ، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، لا يمكن أن تحقق أهدافها الاسلامية ، فقد تستطيع أن تقوض بعض معالم الانحراف ، ولكنها قاصرة عن إيجاد البديل الشرعي ما دامت لم ترتبط بالامام ( ع ) و حركة المدينة ، وإن كانت ذات بواعث سليمة ، وقام بها الأنصار والمهاجرون ، ولكنها حيث لم ترتبط بالامام الشرعي ، فلا يمكن أن توصل إلى الأهداف المرجوة . والدافع الرابع : إن أهل المدينة لم يتقدموا للبيعة إلى الإمام الحسين ( ع ) بعد وفاة معاوية ، وليس معنى ذلك أن الإمام الحسين طلب البيعة فرفض أهل المدينة بيعته ، إنما المقصود أنهم لم يبادروا إلى بيعة الإمام الحسين ( ع ) مع علمهم بحقه ، وعلمهم بيزيد وسلوكه ، وهذا الموقف ترك أثره بعد شهادة الإمام الحسين ( ع ) في نفس علي بن الحسين ( ع ) ، فلم يشترك الامام في
1 - تاريخ الطبري ج 7 ص 4 .
156
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 156