نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 157
حركة المدينة . . إذ كيف يساهم الامام في معركة لم يبذل قادتها جهدا في معرفة الإمام الشرعي ، والوقوف إلى جانبه ؟ فلذلك تنحى عن الفتنة وابتعد عن شررها المتطاير ، فكان فيه الإبقاء على كيان الإمامة ، ومن انضوى إلى بيته من آل عبد مناف زهاء أربعمئة ما بين رجل وامرأة و صبي ، وعدد كبير من أهل المدينة ، فقام ( ع ) بما يحتاجون إليه إلى أن ارتحل الجيش الفاتك ( 1 ) . والدافع الخامس : حيث أن الإمام السجاد ( ع ) هو الإمام الشرعي للأمة ، وأن اشتراكه في الحركة قد يؤدي إلى قتله ، مما يؤدي ذلك إلى فراغ قيادي وسياسي ، إذ أن ابنه محمد بن علي الباقر ( ع ) بعد لم يتجاوز الخمس سنوات ، فقتله - إذن - سوف يترك فراغا قد يمتد إلى بضع سنين ، وهذا معناه انحسار الغطاء المبدئي عن الأمة ، وسقطوها في قبضة التيارات الفكرية ، والشهوات الدنيوية ، ونزاعات طواغيت الزمان . لذلك كله لم يشترك الإمام السجاد ( ع ) في حركة المدينة : حرصا على منصب الإمامة الذي هو حصن الأمة ، و بالتالي حرصا على كل الأمة الإسلامية . والدافع السادس : لما مات الحسن بن علي ( ع ) تحركت الشيعة بالعراق ، وكتبوا إلى الحسين بن علي ( ع ) في خلع معاوية والبيعة له ، فامتنع عليهم وذكر أن بينه وبين معاوية عهدا وعقدا ولا يجوز له نقضه حتى تمضي المدة ، فإذا مات معاوية نظر في ذلك ( 2 ) . صحيح أن مثل يزيد بن معاوية الذي اشتهر بفساده وكفره ، لا معنى للوفاء بالبيعة له إذ لا يستحقها ، فكيف يحسن الوفاء له ، إلا أن الخروج على الحاكم الظالم الفاسق له شروط أهمها : . أن لا يؤدي ذلك الخروج إلى خسائر هي أهم من فوت حق الإمام الشرعي ، فلو كان الأمر كذلك فإن الامام يختار موقفا سياسيا آخر غير موقف الحرب ، وهذا الموقف ليس إقرارا بسلطان الظالم ، وليس قبولا بأفعاله ، إنما هو من باب دفع أكبر الضررين . والدافع السابع : رغم أن قادة الحركة من الأشخاص الورعين أمثال عبد الله بن حنظلة ، إلا أن ثمة خيوط زبيرية تواجدت في الحركة أمثال المنذر بن الزبير ، الذي ذهب إلى الشام مع الوفد ثم رجع إلى الكوفة ، وتكلم على يزيد ثم ذهب إلى المدينة ، واشترك مع الوفد في القدح بيزيد وأفعاله . ومن الواضح أن المنذر هو أخو عبد الله بن الزبير ، فليس من المستبعد أن يكون اتفاقا خاصا قد جرى بين الاثنين ، لتحريك المدينة لحساب عبد الله بن الزبير ، وإضافة إلى اشتراك المنذر بن الزبير في القيادة المباشرة في الحركة ، يوجد شخص آخر اشترك في قيادة الحركة ، وهو عبد الله بن المطيع العدوي وهو زبيري الهوى ، وقد فر من المعركة بعد قدوم مسرف بن عقبة ، والتحق بعبد الله بن الزبير في مكة ، بعد أن رفض العرض الذي تقدم به النعمان بن بشير ، لتسوية الموقف بين قادة الحركة وبين يزيد بن معاوية . وأما الدافع الثامن : إن أغلب الظن أن نهاية حركة المدينة لو كانت هي الغالبة ، فسوف تكون