نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 154
إذن نرى أن الإمام السجاد ( ع ) لم يبايع ابن الزبير ، وذلك للأسباب التالية : أولا : الذي يظهر أن الهاشميين قد قرروا مقاطعة عبد الله بن الزبير ، حيث رفض كل من محمد بن الحنفية ، وعبد الله بن عباس البيعة له ، فكان خروجهما إلى الطائف فمات ابن عباس فيها ( 1 ) ، وكان ابن عباس قد أرسل ابنه إلى الشام ليطلب الأمن من عبد الملك بن مروان . صحيح أنه ليست ثمة ملازمة بين عدم بيعة كل من محمد بن الحنفية وعبد الله بن العباس لابن الزبير ، وبين عدم بيعة الإمام السجاد ( ع ) له ، إلا أنه من البعيد جدا أن لا يبايع الاثنان لابن الزبير ، ويبايعه الإمام السجاد ( ع ) مع معرفته بعداوته لأهل البيت ، ومع خوفه من فتنته كما أشارت إليه الرواية السابقة . ثانيا : إن الإمام السجاد ( ع ) قد تنكب طريق السياسة بمعنى السعي نحو السلطة ، وآثر أن يمارس إمامته ضمن اتجاهات أخرى ، كتعميق مفهوم الإمامة ، وتحصين الأمة من الاتجاهات الدنيوية المنحرفة ، وتربية القواعد الموالية للامام من أهل البيت ، وهذه مسؤوليات لا تقل أهمية عن مسؤولية تولي السلطة ، ولهذا فمن البعيد أن يبايع ابن الزبير ، وخصوصا أن ضغوط ابن الزبير على المدينة أقل بكثير من ضغوطه على مكة . ثالثا : اضطراب الأحوال السياسية في العالم الاسلامي ، حيث كان يلي السلطة في الشام عبد الملك ، وفي مكة ابن الزبير ، وقد انفجر صراع عنيف وطويل بينهما إلى أن استطاع الحجاج القضاء على ابن الزبير عام ( 73 ه ) ، وهذا القلق السياسي يسمح للإمام السجاد ( ع ) بعدم البيعة لأحد من الطرفين المتنازعين بذريعة الفتنة ، وعدم اجتماع الأمة على شخص ، وطالما تعذر الآخرون بمثل هذا الاعتذار لعدم البيعة لأحد . رابعا : لو كان الإمام السجاد ( ع ) قد بايع ابن الزبير ، سواء في مكة ، أو في المدينة لظهر ذلك وأشيع بين الناس ، ولسجلته كتب التاريخ والروايات ، مع الحرص على إثبات هذه البيعة من قبل جبهة ابن الزبير ، وحيث لم يصل شئ من ذلك : فلهذا ينمو احتمال عدم بيعة الإمام السجاد ( ع ) له . موقف الإمام السجاد ( ع ) من حركة المدينة : . في هذا الفصل نتناول موقف الإمام السجاد ( ع ) من حركة المدينة ضمن أمرين : . الأمر الأول : حول بواعث الحركة . ما هي بواعث حركة المدينة التي انفجرت في وجه الحكم اليزيدي عام 63 ه ؟ . يمكن ذكر أهم بواعث الثورة كما يلي : . أولا : الآثار التي تركتها فاجعة كربلاء على أهل المدينة ، وعلى عموم العالم الاسلامي ، فإن أهل المدينة يعرفون الإمام الحسين ( ع ) حق المعرفة ، ويكنون له احتراما عميقا حتى من قبل الأشخاص الذين يرون أنفسهم منافسين له ، فقد قال له عبد الله بن الزبير لما عزم ( ع )
1 - الكامل في التاريخ ج 4 ص 253 .
154
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 154