responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني    جلد : 1  صفحه : 123


وأما الرسالة الثانية : فقد تسببت في عزل والي الكوفة السابق ، النعمان بن بشير ، و تعيين آخر محله ، وهو عبيد الله بن زياد - المعروف بقسوته وبطشه بشيعة علي بن أبي طالب ( ع ) ، وولائه المطلق للحكم الأموي ، ناهيك عن ماضيه الأسود - ، وترقيته إلى رتبة أعلى ، فقد نال الولايتين ، إذ أصبح واليا على الكوفة ، إضافة إلى ولاية البصرة .
ولما كان ابن زياد يعرف أن الكوفة تعيش حالة الهيجان والترقب والانتظار للإمام الحسين ( ع ) ، وقد احتشد الناس في المسجد معلنين ولاءهم وبيعتهم للحسين عند سفيره مسلم بن عقيل عليهما السلام ، فقد كان لزاما عليه أن يدخلها متنكرا ، لكي لا يعلم به أحد من الشيعة ، وجاء بفكرة شيطانية غادرة ، بأنه إتخذ لنفسه هيئة جديدة ، وتنقب وارتدى بزي أشراف بني هاشم ، لإيهام الناس والجموع المحتشدة لاستقبال ابن بنت رسول الله ( ص ) بأن القادم هو الحسين ( ع ) ، وليبدأ بتنفيذ خطته الآتية :
فعلى مشارف المدينة أوعز إلى أعوانه بأن يتجمهروا وينادوا بأعلى أصواتهم ، و يعرفوه على أنه الحسين بن علي ويرحبوا به ، وقد نجحت خطته الخسيسة هذه في انتحال صفة وشخص الإمام الحسين ( ع ) ، فكان كلما يتقدم نحو المدينة تزداد الجموع عددا ، وقد ظن الناس أنهم يستقبلون الحسين ( ع ) ، وأخذت الكوفة بالتحرك شيئا فشيئا ، فدخل ابن زياد المدينة دون أن يتحدث إلى أحد من الناس أو يزيل النقاب عن وجهه ، وتوجه نحو دار الإمارة مباشرة ، وقد ظن الناس أنه هو الحسين الذي قصد مقر الأمير ، ويريد أن ينهي أمر والي الأمويين حينذاك النعمان بن بشير ، وقد كان غضب الأمة على الأجهزة التابعة لحكومة يزيد بنحو كأنهم كانوا يريدون اقتلاع قصر الإمارة ، وتحصن ابن زياد في القصر ، وأوعز بأن تغلق جميع الأبواب ، وقد تأكد من محبة الناس الشديدة لإمامهم ، واشمئزازهم من أتباع يزيد : ليعمل بما ينسجم مع هذا الحب والاشمئزاز في سياسته اللاحقة .
ولما تبين للناس حجم المكيدة والخطة التي جاء بها ابن زياد وظهوره المفاجئ ، اعتراهم الذهول والحيرة جراء هذا المشهد والخطة الوضيعة التي أخذوا فيها على حين غرة ، فتفرقوا بعدها ، وقد دب الوهن فيهم .
وأول شئ اتخذه هذا الطاغية هو دخول المسجد وأمره الناس بالصلاة جامعة ، وقد أفصح عن نيته والأمر الذي دعاه إلي التوجه إلي الكوفة ، ونزل من المنبر وأمر بإحضار الشخصيات البارزة ، ودعا من لديهم معرفة بأحوال الناس ، وتشدد عليهم بإحضار كل من يعرف بمعارضته للنظام ، وموافاته بمن يوافق النظام ، وأخذ العهود والمواثيق منهم بعدم معارضة أي من أبناء عشيرتهم للنظام ، وقال : ليعرف كل من خالف بأننا سنأخذ الولي بالولي .
ومن الخطط التي ابتدعها عبيد الله بن زياد - وهي ما لم تكن مألوفة في السابق - استحداث منظمة رهيبة تأخذ على عاتقها التسلل إلى صفوف المعارضين : لاستلال الأخبار منهم ، وإشاعة الأخبار التي من شأنها الحد من فورة المنتفضين ، وإحباط معنوياتهم ، والتحرك الحثيث على بعض الوجوه لاستمالتهم إلى نظام الحكم ، أو على أقل تقدير تحييدهم ، فقد دعا معقلا غلامه ، وأعطاه ثلاثة آلاف درهم ، وأمره أن يلتقي مسلما أو أحد أنصاره ، على أنه

123

نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني    جلد : 1  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست