نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 122
ايمانه وشجاعته وشخصيته ، فقد غادر مكة المكرمة يوم الرابع عشر من شهر رمضان المبارك عام 60 للهجرة ، قاصدا الكوفة ، وسلمه كتابا منه إلى أهل الكوفة ، وكتب فيه إليهم : . بسم الله الرحمن الرحيم ، من الحسين بن علي إلى الملأ من المسلمين ، أما بعد ، فإن هانيا وسعيدا قدما علي بكتبكم ، وكانا آخر من قدم علي من رسلكم ، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم ، ومقالة جلكم أنه ليس علينا امام فأقبل لعل الله يجمعنا بك على الهدى ، وأنا باعث إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي ، فإن كتب إلي أنه قد أجمع رأي أحداثكم وذوي الفضل منكم ، على مثل ما قدمت به رسلكم وتواترت به كتبكم ، أقدم عليكم وشيكا إن شاء الله ، ولعمرى ما الامام إلا الحاكم القائم بالقسط ، الدائن بدين الله ، الحابس نفسه على ذات الله ( 1 ) . ولما وصل سفير الحسين ( ع ) ، مسلم بن عقيل ، ( ع ) الكوفة : اجتمع إليه كبار الشيعة ، و بايعوه فور معرفتهم بكتابه ( ع ) ، واستقبلوه استقبالا لم يعهد من قبل مثله ، وأخذ عدد المبايعين يزداد يوما بعد آخر ، وبسبب الأوضاع الطارئة وانقلابها على يزيد و حكمه ، وتصاعد الغليان في الكوفة : فقد كتبت رسالتان : إحداهما للحسين بن علي ( ع ) ، والأخرى ليزيد بن معاوية . فقد كتب مسلم بن عقيل إلى الحسين ( ع ) يدعوه بالتعجيل في القدوم : أما بعد ، فإن الرائد لا يكذب أهله ، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا ، فعجل حين يأتيك كتابي . فيما كتب أعوان يزيد : أما بعد فإن مسلم بن عقيل قدم الكوفة وبايعته الشيعة للحسين بن علي ، فإن كان لك بالكوفة حاجة فابعث إليها رجلا قويا ، ينفذ أمرك ويعمل مثل عملك في عدوك ، فإن النعمان بن بشير رجل ضعيف أو هو يتضعف ، وأصبحت هاتان الرسالتان سببا لإجراءين . فالرسالة الأولى لمسلم بن عقيل ( ع ) قد شخصت طريق الحسين ( ع ) ، وحسمت قراره ، وأعدت المقدمات لحركته ( ع ) نحو الكوفة : حيث أن التحرك في ذلك الوقت بالذات ومن مكة المكرمة ، تلك البقعة التي يقصدها الناس من أقصى البلاد الاسلامية ، للظفر بذلك الموسم المقدس ، غير معهود أبدا ، ويثير الدهشة فيما لو قام به مسلم عادي ، ناهيك عن ابن رسول الله ( ص ) . لذلك فقد انتشر خبر رحيل الامام من مكة المكرمة وتوجهه إلى العراق في غضون برهة و جيزة من الوقت ، وأصبح حديث الساعة ، فأينما اجتمع نفر من الناس كان حديثهم عن هذا التحرك المفاجئ وأسبابه ، وقد عرف أهل مكة فيما بعد ، أن الحسين ( ع ) - بتركه المدينة حال موت معاوية ، ومن ثم ترك مكة أثناء الموسم - أنه ( ع ) لا يعترف بحكومة يزيد ، وقد خشي على نفسه هنا : حفاظا على حرمة بيت الله لئلا تنتهك ، وكذلك علمهم بتصميم يزيد على قتل الحسين في مكة ، ولو كان معلقا بأستار الكعبة ! !
1 - راجع المناقب ص 89 .
122
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 122