responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني    جلد : 1  صفحه : 121


بأمر الأمة ، فإذا تمت الحجة بوجود الناصر ، كان هذا دافعه الأول ، والأساس على الإقدام ، دون الاحجام على أساس الاحتمالات والتوقعات الظاهرية .
ومن نافلة القول ، إن الذين لديهم مكانة اجتماعية مرموقة ، ويرون في أنفسهم المؤهلات والإمكانيات التي يمكن أن تدفعهم نحو الزعامة والقيادة ، كثيرا ما يتخذون سلوكا ملتويا ، وهو مسايرة السلطة القائمة ، وغض الطرف عن زلات وعبث الحكم القائم ومحاباته ، وإظهار الليونة والتسلل خلسة ، ومن ثم التسلق إلى المراكز الحساسة في السلطة : ليتحينوا الفرصة التي تسمح لهم بالانقضاض على سدة الحكم وقيادة المجتمع ، وبشهادة التاريخ ، لو أن الإمام عليه السلام كان قد حابى الحكام الأمويين في بداية الأمر ، لما كانوا يتركونه فحسب ، بل كانوا مستعدين لمنحه منصبا ومقاما رفيعا ، لسكوته وإعراضه عما يجري ، ولو كان الإمام ( ع ) طالبا للرئاسة والحكم - سواء عن طريق التدرج في المناصب أو عن طريق الثورة - لكان عليه أن يسالم الحكام أو ، لا أن يعبر عن رفضه أمام الملأ ، وبثبات وصلابة ، رغم تحذيرات محبيه والكثير من الوجوه المعروفة آنذاك له بضرورة مبايعة يزيد وتجنب إراقة الدماء .
ولو كان الدافع الحقيقي للإمام ( ع ) هو طلب الحكم والرئاسة ، فماذا يعني المكوث في كربلاء وإبداء التصلب أزاء مختلف المقترحات التي قدمت له ؟ ولو كان أصحاب الحسين ( ع ) قد جاؤوا من أجل حياة أفضل ، ومن أجل نيل الحكم ، فلماذا لم يتركوا الحسين ليلة عاشوراء ، بعد أن شاهدوا الموت بأعينهم ؟ .
إن مصيبة الإمام الحسين ( ع ) تكمن في ارتقاء منبر رسول الله ( ص ) من لم يكن يؤمن به ، إن مصيبة الامام تكمن في تفشي المنكر والظلم ، وضياع شريعة جده رسول الله ( ص ) ، إن مصيبة الإمام ( ع ) تتمثل في أن المقدسات الاسلامية قد سحقت ، وقد اكتسبت الممارسات الوضيعة صفة قانونية ، وباتت أمرا طبيعيا لدى الحكام الأمويين ، ولم تلق أية معارضة تذكر من الكثير من الصحابة ، لدواع كثيرة .
وإن الحسين ( ع ) لم يمض طالبا الكوفة إلا بعد توثق من القوم ، وعهود وعقود ، وبعد أن كاتبوه طائعين غير مكرهين ، ومبتدئين غير مجيبين ، وقد كانت المكاتبات ترده من وجوه أهل الكوفة وأشرافها وقرائها ، وقد وردته أيام حكم معاوية ، وبعد الصلح الذي جرى بين الإمام الحسن ( ع ) ومعاوية ، وكذلك بعد وفاة الإمام الحسن ( ع ) .
وبمجرد انتشار خبر وصول الإمام الحسين ( ع ) مكة المكرمة لدى أهل الكوفة ، فقد أقيمت اجتماعات سرية لكبار شيعته ومحبيه ، وكان سليمان بن صرد الخزاعي صاحب هذه الفكرة و هذا الحشد الكبير من الشيعة ، وهذا الرجل معروف بورعه وحبه لأهل البيت ( ع ) ، و معارضته للبيت الأموي .
وكانت الكوفة ككتلة من النار المتوقدة غضبا من تسلط الأمويين على رقاب الناس ، و إماتتهم للدين ، ومحقهم لكل القيم الإنسانية ، ومتلهفة غبطة وسرورا لمقدم أبي عبد الله ( ع ) ونصرتهم له ، وقد أرسلوا الكثير من الرسائل يدعونه إلى الإسراع في القدوم إليهم .
فما كان الإمام ( ع ) إلا أن أرسل سفيره وابن عمه ومؤتمنه مسلم بن عقيل ، لعلمه بكفاءته و

121

نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني    جلد : 1  صفحه : 121
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست