نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 111
الإمام بعد استئثار معاوية بمقدرات المسلمين ، قال لمالك بن ضمرة عند ما كلمه بشأن الوثيقة : إني خشيت أن يجتث المسلمون عن وجه الأرض ، فأردت أن يكون للدين داع ، و قال عليه السلام مخاطبا أبا سعيد : يا أبا سعيد ، علة مصالحتي لمعاوية ، علة مصالحة رسول الله ( ص ) لبني ضمرة وبني الأشجع ولأهل مكة ، حين انصرف من الحديبية ( 1 ) . ولأهمية تلك الوثيقة وآثارها الايجابية المرجوة لمصلحة الإسلام والمسلمين : أشار الإمام محمد الباقر ( ع ) إليها بقوله : والله للذي صنع الحسن بن علي ( ع ) كان خيرا لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس ( 2 ) . وكما أسلفنا ، قد سحق معاوية كل العهود والمواثيق تحت قدميه وأوغل في ايذائه لأهل البيت ( ع ) وشيعتهم ، منها : مطاردة القيادات المؤمنة الموالية لأهل البيت ( ع ) في كل الأمصار الاسلامية ، وقتل وتشريد الكثيرين منهم : سيما قتل الصحابي الجليل حجر بن عدي الكندي و أصحابه ( رض ) ، وكذلك قطع العطايا والأرزاق ، وهدم الدور والمساكن ، و نهب أموالها وإعطاؤها غنائم لعملاء السلطة . ومن بين أخطر الموبقات التي ارتكبها معاوية ، الاستعانة ببعض الوعاظ المحترفين ذوي النفوس الوضيعة ، الموالين له : لتشويه سيرة أهل البيت وسيدهم علي بن أبي طالب ( ع ) ، وشتمه ( ع ) على المنابر ، إلى جانب وضع الأحاديث والروايات الملفقة من قبل وعاظ السلطة ، التي من شأنها أن ترفع من معاوية وتؤكد شرعية حكمه . الإمام الحسن ( ع ) بعد وثيقة الصلح . بعد توقيع الوثيقة ، بقي الإمام الحسن ( ع ) في الكوفة أياما قليلة ، والألم يعتصر قلبه للذي حصل ، ثم تهيأ للسفر إلى مدينة جده رسول الله ( ص ) ، وعندما تحرك موكبه الشريف ، خرجت الكوفة برمتها ، شيبا وشبابا ، وهم يندبون حظهم العاثر ، والأسى يعلو نفوسهم على ما آلت إليه الأمور ، وما قد يصيبهم بعد أن تركهم إمامهم . وقد بدأ معاوية بنقل دار الخلافة والقيادة العامة من الكوفة إلى دمشق ، بعد أن دخل جيش معاوية الكوفة وشدد قبضته عليها ، وأثار الهلع في نفوس الناس ، وصار من أمر الناس في الكوفة بعد رحيل الحسن ( ع ) إلى المدينة ، أنه من كان يداهن السلطة وينافق يجزل له العطاء ، ومن يعارض يقتل ، ومن يشم منه ولاؤه إلى علي وأهل بيته عليهم السلام : يصرف عنه العطاء أو يسجن أو يقتل أو ينفى . وما ان استقرت الدار بأبي محمد الحسن وأهل بيته ( ع ) في مدينة الرسول ( ص ) : حتى أخذ يمارس مسؤولياته في خدمة الاسلام ، ليقود السفينة إلى شاطئ السعادة والخير والهدى ، حيث أنشأ مدرسة وقيادة فكرية كبرى لتكون محطة اشعاع للهدى ، تهتدي الأمة من
1 - اعتمدنا في نقل كلام الإمام الحسن ( ع ) على كتاب ( حياة الإمام الحسن ) للقرشي ج 2 ص 277 . 2 - الكافي للكليني ط 2 ح 1389 ج 8 ص 330 .
111
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 111