نام کتاب : العثمانية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 316
بمكة من بنى مخزوم وبنى سهم وبنى جمح . ولاجله صبر بنو هاشم على الحصار في الشعب ، وبدعائه وإقباله على محمد صلى الله عليه وآله أسلمت امرأته فاطمة بنت أسد . فهو أحسن رفقا وأيمن نقيبة من أبى بكر وغيره . وما منعه عن الاسلام إن ثبت أنه لم يسلم إلا تقية . وأبو بكر لم يكن له إلا ابن واحد ، وهو عبد الرحمن ، فلم يمكنه أن يدخله في الاسلام ولا أمكنه إذ لم يقبل منه الاسلام أن يجعله كبعض مشركي قريش في قلة الأذى لرسول الله صلى الله عليه وآله وفيه أنزل " والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي ، وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين " . وإنما يعرف حسن رفق الرجل وتأتيه بأن يصلح أولا أمر بيته وأهله ثم يدعو الأقرب فالأقرب ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله لما بعث كان أول من دعا زوجته خديجة ثم مكفوله وابن عمه عليا عليه السلام ، ثم مولاه زيدا ، ثم أم أيمن خادمته . فهل رأيتم أحدا ممن كان يأوى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لم يسارع ؟ وهل التاث عليه أحد من هؤلاء ؟ فهكذا يكون حسن التأتي والرفق في الدعاء . هذا ورسول الله مقل ، وهو من جملة عيال خديجة حين بعثه الله تعالى ، وأبو بكر عندكم كان موسرا وكان أبوه مقترا [1] ، وكذلك ابنه وامرأته أم عبد الله . والموسر في فطرة العقول أولى أن يتبع من المقتر . وإنما حسن التأتي والرفق في الدعاء ما صنعه مصعب بن عمير لسعد بن معاذ لما دعاه . وما صنع سعد بن معاذ ببنى عبد الأشهل لما دعاهم وما صنع بريدة بن الحصيب بأسلم لما دعاهم ، قالوا : أسلم بدعائه ثمانون بيتا من قومه . وأسلم بنو عبد الأشهل بدعاء سعد في يوم واحد . وأما من لم يسلم ابنه ولا امرأته ولا أبوه ولا أخته بدعائه فهيهات أن يوصف ويذكر بالرفق في الدعاء ، وحسن التأتي والأناة .