نام کتاب : العثمانية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 314
مكة يصلى وعلي عليه السلام معه عن يمينه ، فلما رآهما أبو طالب قال لجعفر : تقدم وصل جناح ابن عمك ! فقام جعفر عن يسار محمد صلى الله عليه وسلم فلما صاروا ثلاثة تقدم رسول الله صلى الله عليه وآله وتأخر الاخوان ، فبكى أبو طالب وقال : إن عليا وجعفرا ثقتي * عند ملم الخطوب والنوب لا تخذلا وانصرا ابن عمكما * أخي لامى من بينهم وأبى والله لا أخذل النبي ولا * يخذله من بنى ذو حسب فتذكر الرواة أن جعفرا أسلم منذ ذلك اليوم لان أباه أمره بذلك وأطاع أمره . وأبو بكر لم يقدر على إدخال ابنه عبد الرحمن في الاسلام ، حتى أقام بمكة على كفره ثلاث عشرة سنة . وخرج يوم أحد في عسكر المشركين ينادى : أنا عبد الرحمن بن عتيق هل من مبارز ! ! ثم مكث بعد ذلك على كفره حتى أسلم عام الفتح ، وهو اليوم الذي دخلت فيه قريش في الاسلام طوعا وكرها ، ولم يجد أحد منها إلى ترك ذلك سبيلا . وأين كان رفق أبى بكر وحسن احتجاجه عند أبيه أبى قحافة وهما في دار واحدة ؟ هلا رفق به ودعاه إلى الاسلام فأسلم . وقد علمتم أنه بقى على الكفر إلى يوم الفتح فأحضره ابنه عند النبي صلى الله عليه وآله وهو شيخ كبير رأسه كالثغامة [1] فنفر رسول الله صلى الله عليه وآله منه وقال : غيروا هذا . فخضبوه ثم جاءوا به مرة أخرى فأسلم . وكان أبو قحافة فقيرا مدقعا سيئ الحال وأبو بكر عندهم كان مثريا فائض المال ، فلم يمكنه استمالته إلى الاسلام بالنفقة والاحسان . وقد كانت امرأة أبى بكر أم عبد الله ابنه - واسمها نملة بنت عبد العزى بن أسعد بن عبد ود العامرية - لم تسلم وأقامت على شركها بمكة ، وهاجر أبو بكر وهى كافرة ، فلما نزل قوله تعالى : " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " فطلقها أبو بكر . فمن عجز عن ابنه وأبيه وامرأته فهو عن غيرهم من الغرباء أعجز ، ومن لم يقبل منه أبوه وابنه وامرأته لا برفق واحتجاج ، ولا خوفا من قطع النفقة عنهم وإدخال المكروه عليهم فغيرهم أقل قبولا منه ، وأقل خلافا عليه .