نام کتاب : العثمانية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 310
وآله من مكة إلى يثرب ، ودخوله معه في الغار ، فقلتم : مرتبة شريفة . وحالة جليلة ، إذ كان شريكه في الهجرة . وأنيسه في الوحشة ، فأين هذه من صحبة علي عليه السلام له في خلوته . وحيث لا يجد أنيسا غيره ليله ونهاره أيام مقامه بمكة يعبد الله معه سرا ، ويتكلف له الحاجة جهرا ، ويخدمه كالعبد يخدم مولاه ، ويشفق عليه ويحوطه ، وكالولد يبر والده ويعطف عليه . ولما سئلت عائشة : من كان أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قالت : أما من الرجال فعلى ، وأما من النساء ففاطمة . ( 6 ) ص 27 - 31 من العثمانية أما القول فممكن والدعوى سهلة ، سيما على مثل الجاحظ ، فإنه ليس على لسانه من دينه وعقله رقيب ، وهو من دعوى الباطل غير بعيد ، فمعناه نزر ، وقوله لغو ، ومطلبه سجع ، وكلامه لعب ولهو . يقول الشئ وخلافه ويحسن القول وضده ، ليس له من نفسه واعظ ، ولا لدعواه حد قائم . وإلا فكيف تجاسر على القول بأن عليا حينئذ لم يكن مطلوبا ولا طالبا ؟ ! وقد بينا بالأخبار الصحيحة والحديث المرفوع المسند أنه كان يوم أسلم بالغا كاملا ، منابذا بلسانه وقلبه لمشركي قريش ، ثقيلا على قلوبهم ، وهو المخصوص دون أبى بكر بالحصار في الشعب . وصاحب الخلوات برسول الله صلى الله عليه وآله في تلك الظلمات ، والمتجرع لغصص المرار من أبى لهب وأبى جهل وغيرهما ، والمصطلى لكل مكروه ، والشريك لنبيه في كل أذى ، قد نهض بالحمل الثقيل ، وبان بالامر الجليل . ومن الذي كان يخرج ليلا من الشعب على هيئة السارق ، ويخفى نفس ويضائل شخصه ، حتى يأتي إلى من يبعثه إليه أبو طالب من كبراء قريش ، كمطعم بن عدي وغيره ، فيحمل لبنى هاشم على ظهره أعدال الدقيق والقمح ، وهو على أشد خوف من أعدائهم كأبى جهل وغيره ، لو ظفروا به لأراقوا دمه . أعلى كان يفعل ذلك أيام الحصار في الشعب أم أبو بكر ؟
310
نام کتاب : العثمانية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 310