عليها ملوك الكفر ، كالخزر واللان وغيرهم ، لا يمضي على المسلمين هناك حكم لكافر ، ولا يقيم عليهم شهادة إلا المسلمون ، وإن قلوا . وببلاد البلهرا مساجد تقام فيها الصلوات والجمع وتقام الجمعات بالأذان والأعلام ، وهي مملكة عريضة ، وزي المسلمين هناك واحد في اللبسة وإرسال الشعر ، وزعموا أن الهند اسم نهر هناك وبه تسمى الهند . وصيمور أيضاً جزيرة من جزائر بحر الصين ، بها من المسلمين نحو من عشرة آلاف ، ومن مذاهب هؤلاء الصينيين أن ما ينالهم من النعيم في المستقبل مؤجلاً بقدر ما تعذب به أنفسها في هذه الدار معجلاً ، قال المسعودي : رأيت منهم رجلاً ببلاد صيمور وهو يطوف في أسواقهم ومعه جماعة أهله وقد أضرمت له النار وقد وضع على رأسه الجمر والكبريت ، فيسير وهامته تحترق ، وروائح دماغه تتضوع فلما دنا من النار أخذ خنجراً فوضعه على فؤاده فشقه ، ثم أدخل يده الشمال فقبض على كبده فجذب منها قطعة وهو يتكلم ، فقطعها بالخنجر ، ودفعها إلى بعض إخوانه تهاوناً بالموت ولذة بالنقلة ثم هوى بنفسه في النار . صهيون : كنيسة عند بيت المقدس جليلة حصينة ، فيها العلبة التي أكل فيها المسيح مع تلامذته . الصين : بلاد في مطلع الشمس ، يقال إن فيها ثلاثمائة مدينة ونيفاً عامرة كلها سوى القرى والرساتيق ، ومن خرج إليها قطع سبعة أبحر ، لكل بحر منها لون وريح وسهك ليس في غيره ، أول بحورهم بحر فارس . وفي الصين عجائب كثيرة ، والأصل في ذلك أن قوماً من بني عامور بن يافث قطعوا إلى ناحية الصين ، وكان عامور قد عمل فلكاً حكى به سفينة جده نوح صلى الله عليه وسلم ، فركب فيها هو وولده وأهله ، وقطع البحار إلى الصين ، فبنى هو وولده المدائن وعملوا الحكم ودقائق الصناعات ، وملكهم ثلاثمائة سنة ، وملك ابنه صاين مائتي سنة وبه سميت الصين ، ومدينتهم العظمى يقال لها انموا بينها وبين خانقو التي تنزل فيها مراكب التجار ثلاثون يوماً ، وأهل الصين بيض إلى الصفرة فطس ، يبيحون الزنا ولا ينكرون شيئاً منه ، ويورثون الأنثى أكثر من الذكور ، ولهم عند دخول الشمس في الحمل عيد كبير يأكلون فيه ويشربون سبعة أيام . وأشرف حليهم من قرون الكركدن ، لأنها متى قطعت قرونها ظهرت فيها صور عجيبة مختلفة ، والكركدن دابة لها قرن واحد في الجبهة طوله ذراع ، وغلظه قبضتان ، فيه صور من أوله إلى آخره ، وإذا شق رأيت الصورة بيضاء في سواد صورة إنسان أو دابة أو سمكة أو غير ذلك ، فيتخذه أهل الصين مناطق تبلغ المنطقة منه مائتين وثلاثمائة دينار إلى ثلاثة آلاف دينار إلى أربعة آلاف . والذهب عندهم هين حتى يتخذون منه لجم دوابهم وسلاسل كلابهم ، ووراءهم صين الصين وهم أمم عراة يلتفون في شعورهم ، ومنهم أمم زعر لا شعر لهم ، وأمم حمر الوجوه شقر الشعور . وبحر الصين بحر خبيث بارد ، ريحه من قعره تغلي كغليان الماء على جاحم النار ، ويخبر الثقات من ركابه أنه بحر مسكون له أهل في بطن الماء ، وأنهم يرونهم إذا هاج البحر ليلاً كهيئة الزنج ، ويطلعون المراكب . وفي بحر الصين سمكة مثل الحراقة يرمي بها الموج إلى الساحل ، فإذا جزر الماء بقيت على الطين ، فلا تزال تضطرب حتى تنسلخ في اضطرابها من إهابها ، فيكون لها جناح تستقل به فتطير ، وفيه سمكة تلتقم الناس ، وربما مات الرجل من ركاب البحر فيرمى به في البحر فلا يخطئ فاهة السمكة ، كأنما كانت له رصداً . وفي هذا البحر يرى وجه عظيم على صورة الإنسان إلا أنه مفرط الكبر مستدير يشبه لون القمر . وفي تخوم بحر الصين جزيرة النساء ، ليس يسكنها أحد إلا النساء ، وهن يلقحن من الريح ويلدن النساء ، وقيل : إنهن