responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : محمد بن عبد المنعم الحميري    جلد : 1  صفحه : 371


يلقحن من شجر عندهن يأكلن منه . ويذكر أن الذهب عندهن عروق مثل الخيزران ، وأنه وقع إليهن رجل فهممن بقتله فرحمته امرأة منهن وحملته على خشبة في البحر ، فأدارته الأمواج حتى أتت به بعض بلاد الصين ، فوصل إلى ملك الصين وعرفه حال الجزيرة ، فجهز إليها المراكب ، فأقاموا يطوفون في البحر ثلاثة أعوام يطلبونها فلم يقفوا لها على أثر .
وأهل الصين شعوب وقبائل كقبائل العرب وأفخاذها وتشعبها في أنسابها ، ولهم مراعاة لذلك وحفظ له ، وينتسب الرجل منهم إلى خمسين أباً إلى أن يتصل بعامور ، وأكثر من ذلك وأقل ، ولا يتزوج أهل كل فخذ من فخذه ، مثل أن يكون الرجل من مضر ويتزوج في ربيعة ، ومن ربيعة فيتزوج من مضر ، ومن كهلان فيتزوج في حمير ، ومن حمير فيتزوج في كهلان ، ويزعمون أن في ذلك صحة النسل وقوام البنية وإن ذلك أصح للبقاء وأتم للعمر . ولم تزل أمور الصين مستقيمة في العدل ، على حسب ما جرى ، به الأمر فيما سلف من ملوكهم ، إلى سنة أربع وستين ومائتين ، فإنه حدث في الملك أمر زال به النظام وانتقضت به أحكام الشرائع ، وهو أن نابغاً نبغ فيهم من غير بيت الملك كان في بعض مدن الصين ، يقال له باشموا ، اجتمع إليه أهل الدعارة والشر ، ولحق الملك وأرباب التدبير غفلة عنه لخمول ذكره ، وأنه ممن لا يبالي به ، فاشتد أمره وكثر عتوه وقويت شوكته ، وقطع أهل الشر المسافات نحوه ، فعظم جيشه ، فشن الغارات على العمائر حتى نزل مدينة خانقو ، وهي مدينة عظيمة ، وقد تقدم ذكرها وذكر هذا الثائر ونزوله على خانقو وأخذه لها واستباحته لحريمها في حرف الخاء .
وأبواب الصين اثنا عشر باباً ، وهي جبال في البحر ، بين كل جبل فرجة يسار منها إلى موضع تصيبه من مدائن الصين ، وتصعد المراكب في مدائن الصين الشهر والأكثر والأقل ، بين جنات وغياض وناس لهم أموال زاكية وأغنام ومياه ، والمد والجزر يدخلانها من البحر كل يوم وليلة مرتين ، وفي هذه المرافئ أسواق وتجار ، ودخل وخرج ومراكب وبضائع تحمل وأخرى تجيء ، وبها الأمن المتصل ، وفي ملوكها العدل ، وهي سنتهم وعليه يعولون ، وبذلك اتصلت عمارتهم وحسنت في بلادهم ، وقل جزعهم وعظم أمنهم ، واتسعت أيديهم في الأموال .
وأهل الهند والصين يقتلون السارق ، ويؤدون الأمانة ، وينصفون من أنفسهم من غير احتياج إلى حاكم أو مصلح ، طبعاً وسجية .
وفي بحر الصين دابة لها جناحان تنشرهما في الجو ، تحمل على المراكب فتقلبها ، يكون طول الدابة مائة ذراع ونحوها ، وإذا رأى أهل المراكب هذه الدابة ضربوا الخشب بعضه ببعض فتنفر منها تلك الدابة وتخرج لهم عن الطريق ، وقد قيض الله سبحانه وتعالى لهذه الدابة سمكة صغيرة إذا رأتها هذه الدابة الكبيرة نفرت منها ، فمرت على وجهها فلا يستقر بها مكان من البحر ما دامت السمكة تتبعها .
ولملك الصين أربعمائة ألف مرتزق ، وهو لا يكاد يبدو لأحد ، ولا يصل إليه إلا وزيره أو حاجبه أو رسول ملك يرد عليه ، ووجوه عسكره ورؤساء أصحابه يصلون إليه في كل أسبوع ، فإن تعذر ذلك عليهم أكثر من هذه المدة ضجوا وسألوا الوصول إليه كيلا يكون قد مات وأخفي ذلك عنهم . وإذا أراد الملك أن يركب ضرب بجرس فيدخل الناس منازلهم ويخلون الطرقات .
وسميت الصين بأول من نزلها ، وهو صائن بن عامور بن يافث ، وهو الذي أثار المعادن من الذهب ، وعمل الحكمة ودقائق الصناعات ، وملكهم أزيد من مائتي سنة ، فلما مات جعلوا جسده في تمثال ذهب ، وأقاموا يطوفون به على سرير من ذهب ، فصار ذلك رسماً لكل من ملك منهم ، فالملك منهم إذا مات أدخلوه في تمثال ذهب ، وأجلسوه على سرير ذهب مرصع بالجوهر ، وبنوا له هيكلاً يكون فيه ، فيسجدون له ، واتخذ لهم بعض ملوكهم سياسة شرعية وفرائض عقلية ، وجعلها رباطاً ، ورتب لهم قصاصاً وحدوداً ومستحلات للمناكح ، وصلوات تقرب إلى معبودهم ، إنما لا سجود فيها ، وأمرهم بقرابين للهياكل ودخن وأبخرة للكواكب ، فهم باقون على ذلك ، وملة الصين تدعى السمنية .

371

نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : محمد بن عبد المنعم الحميري    جلد : 1  صفحه : 371
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست