واستقبلته تباشير الفتوح وقد * كادت تكون على أكتافه لبدا إلى آخر القصيدة وهي طويلة . ثم تحرك من إشبيلية إلى قصر أبي دانس من غربي الأندلس فنزلوا على حكمه فاحتملوهم إلى مراكش ، ورحل من قصر أبي دانس إلى حصن بلماله ، فاستسلموا ورغبوا في الأمان على أن يتركوا الحصن ويسلموا في أنفسهم وينصرفوا إلى بلادهم ، فأجيبوا إلى ذلك ، وخلي سبيلهم فنهضوا إلى بلادهم ، وانتهب جميع ما كان في الحصن ثم هدم ، ثم قصد إلى حصن المعدن فافتتح وهدم ، وبعد الفراغ من ذلك كان النهوض إلى شلب ، فوصلها في ثاني جمادى الآخرة سنة سبع وثمانين وخمسمائة ، فأحدقت الجيوش بها وأخذت بمخنقها ونصب عليها المجانيق وآلات الحرب ، وجدوا في قتالها وبالغوا في نكاية أهلها ، فطلبوا الأمان في أنفسهم على أن يسلموا المدينة ويخرجوا إلى بلادهم فأجيبوا إلى ذلك ، وخرجوا منها في السادس والعشرين من جمادى الآخرة ، وفي ذلك يقول أبو بكر بن مجبر قصيدته المشهورة التي أولها : دعا الشوق قلبي والركائب والركبا * فلبوا جميعاً وهو أول من لبى وظلنا نشاوى للذي بقلوبنا * نخال الهوى كأساً ويحسبنا شربا إذا القضب هزتها الرياح تذكروا * قدود الحسان البيض فاعتنقوا القضبا القصيدة . ثم أخذ المنصور في الرحيل إلى مراكش . شلير : هو جبل الثلج المشهور بالأندلس ، وهو جبل البيرة ، وهو متصل بالبحر المتوسط ، ينتظم بجبل ريه ، ويذكر ساكنوه أنهم لا يزالون يرون الثلج نازلاً فيه شتاء وصيفاً ، وهذا الجبل يرى من أكثر بلاد الأندلس ويرى من عدوة البحر ببلاد البربر . وفي هذا الجبل أصناف الفواكه العجيبة ، وفي قراه المتصلة به يكون أفضل الحرير والكتان الذي يفضل كتان الفيوم ، وطوله يومان ، وهو في غاية الارتفاع ، والثلج به دائماً في الشتاء والصيف . ووادي آش وغرناطة في شمال هذا الجبل ، ووجه الجبل الجنوبي مطل على البحر ، يرى من البحر على مجرى ونحوه ، وفيه يقول ابن صارة واستغفر الله من كتب هذا الاستخفاف : يحل لنا ترك الصلاة بأرضكم * وشرب الحميا وهو شيء محرم فراراً إلى نار الجحيم فإنها * أمن علينا من شلير وأرحم فإن كنت ربي مدخلي في جهنم * ففي مثل هذا اليوم طابت جهنم شلوبينية : قرية مسكونة على ضفة البحر بينها وبين المنكب عشرة أميال ، ويجود فيها الموز وقصب السكر ، ولعل الأستاذ أبا علي الشلوبيني منسوب إليها . ويقال شلوبينية تقابل من العدوة الأخرى مرسى مدينة مليلة ، ويقطع البحر بينهما في مجريين . شلف : نهر بالمغرب مشهور بقرب مليانة ، وعليه مدينة قديمة أزلية فيها آثار أولية كانت تسمى شلف ، وإليها ينسب هذا النهر وهي اليوم خراب . شلطيش : بالأندلس ، بقرب مدينة لبلة . وهي جزيرة لا سور لها ولا حظيرة ، إنما هي بنيان متصل