شكلة : جزيرة في البحر الشامي ، وهي قريبة من نابل الساحلية ، وهي جزيرة خصيبة تسمى ميور ، ويقال للجزيرة شكلة ميور ، وبينها وبين نابل ثلاثون ميلاً ، وبالقرب من مرسى البوالص من جزيرة صقلية قلعة تسمى شكلة أيضاً وهي من أجل القلاع وأفضل البقاع ، وهي من البحر على ثلاثة أميال وهي بادية وحاضرة وبها أسواق وتجارات وخيرات وجنات ، ويسافر إليها في البحر من بلاد قلورية ومن إفريقية ومالطة وغيرهما ، وباديتها طيبة ، وبها أنهار غزيرة عليها أرحاء ، ومن الغرائب أن بها عيناً تعرف بعين الأوقات تجري في أوقات الصلوات وتجف في غير ذلك . شلب : من بلاد الأندلس ، وهي قاعدة كورة اكشونبة ، وهي بقبلي مدينة باجة ، ولها بسائط فسيحة وبطائح عريضة ، ولها جبل عظيم منيف كثير المسارح والمياه ، وأكثر ما ينبت فيه شجر التفاح العجيب يتضوع منه روائح العود إذا أرسلت فيه النار . وهي في بسيط من الأرض عليها سور حصين ، ولها جنات وغلات ، وشرب أهلها من واديها الجاري إليها من جهة جنوبها وعليه أرحاء البلد ، والبحر منها في الغرب على ثلاثة أميال ولها مرسى في الوادي وبها الإنشاء ، والعود بجبالها كثير يحمل منها إلى كل الجهات . والمدينة في ذاتها حسنة الهيئة بديعة البناء مرتبة الأسواق وأهلها وسكان قراها عرب من اليمن وغيرها وكلامهم بالعربية الصريحة ، وهم فصحاء يقولون الشعر ، وهم نبلاء خاصتهم وعامتهم ، وأهل بوادي هذه البلدة في غاية من الكرم لا يجاريهم فيه أحد . ومن شلب إلى بطليوس ثلاث مراحل ، ومن شلب إلى مارتلة أربعة أيام . وفي سنة خمس وثمانين وخمسمائة في ربيع الآخر منها نازل ابن الرنق صاحب قلمرية وما إليها من غرب الأندلس ، مدينة شلب هذه ، فلم يزل محاصراً لها إلى أن ضاق أهلها بالحصار وخافوا الغلبة عليهم فصالحوه على أن يخرجوا سالمين في أنفسهم ويتركوا البلد بجميع ما فيه من أموالهم وأثاثهم ، فأجابهم إلى ذلك ، ووفى لهم بما صالحهم عليه ، ودخلها في الموفي عشرين من رجب هذه السنة . وبلغ أمر شلب إلى صاحب المغرب والأندلس المنصور يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن فامتعض لذلك وأنف منه وكبر عليه فاعترض جنوده ، واستنفر وضم حشوده ، واستعد الأسلحة وفرق الأموال ، وخرج من مراكش قاصداً إلى الأندلس في وسط ذي الحجة من هذه السنة ، واستمر سيره إلى أن وصل إلى رباط الفتح من مدينة سلا فأقام بها نحواً من ثلاثين يوماً إلى أن توافت الحشود وتكاملت القبائل ، وورد عليه في أثناء مقامه برباط الفتح فتح فتح عليه في المغرب وهنئ به ، وفيه يقول أبو بكر بن مجبر : قلائد فتح كان يذخرها الدهر * فلما أردت الغزو أبرزها النصر القصيدة بطولها . وتحرك المنصور من رباط الفتح في أخريات المحرم عام ستة وثمانين وخمسمائة ، وركب البحر من قصر مصمودة في الثاني والعشرين من ربيع الأول ، فأقام بطريف إلى أن تحرك منها في غرة ربيع الآخر ، وسار إلى قرطبة وعقدت له الرايات بجامعها الأكبر ، وفي ذلك يقول أبو بكر بن مجبر قصيدته المشهورة التي أولها : بشراي هذا لواء قل ما عقدا * إلا ومد له الروح الأمين يدا وأقبل النصر لا يعدو مناحيه * فحيثما قصدت راياته قصدا